د.عبدالإله ساعاتي
تعاودنا الذكرى المجيدة ذكرى اليوم الوطني الأغر.. اليوم الذي صُنع فيه التاريخ.. ووُلدت أمة.. وانبثق نور.. على يدي الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - طيب الله ثراه.
(89) عاماً مضت على ذكرى هذا الإنجاز الوحدوي الفريد.. وهذا البناء الوطني الشامخ.
ولعل مقارنة ما تحقق في بلادنا اليوم بما كان عليه الوضع في الماضي القريب في جميع المجالات.. يجسد حقيقة ما ننعم فيه من نعم كبيرة لا تحصى أنعم الله سبحانه وتعالى بها علينا في هذه البلاد المباركة.
رصيد حضاري ممتد ترسَّخ منذ التأسيس في عهد المؤسس.. وتواصل بقيادة أبنائه البررة من بعده حتى العهد الحالي عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.
هذا العهد الذي شهد خلال بضع سنوات حركة تطوير شملت مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. على نحو يواكب الاحتياجات المستجدة والرؤى المتجددة نحو مستقبل مشرق بمشيئة الله تعالى.
وأود هنا التركيز على الحراك الاقتصادي والتنموي الشامل الذي أنتجته رؤية المملكة 2030 والذي عزز سمعة المملكة ومكانتها الاقتصادية عالمياً.. وتوالت شهادات وتقارير المنظمات والهيئات الدولية العتيدة مشيدة بالإصلاحات الاقتصادية التي أجرتها الحكومة السعودية.. مؤكدة سلامة المسيرة التنموية السعودية.. ونجاح برامج رؤية المملكة 2030.
فلقد أشاد صندوق النقد الدولي ممثلاً بالمجلس التنفيذي للصندوق في بيان رسمي صدر في الثاني والعشرين من شهر يوليو 2019م بالتقدم في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية وبجهود تعزيز شفافية المالية العامة وبالإصلاحات في تنمية الاقتصاد غير النفطي، كما أشاد بانضمام المملكة لعضوية مجموعة العمل المالي (فاتفا). كذلك أشاد بالإصلاحات في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية وبمتانة القطاع المالي والإصلاحات في الأسواق المالية.
وكالة «بلومبيرغ» من جهتها أكدت أن السعودية ترتقي بسرعة شديدة مراتب تصنيف يرصد التدفقات المالية في (صناديق المؤشرات المتداولة في الدول النامية)، حيث احتلت المرتبة الأولى. ورجعت «بلومبيرغ» ذلك إلى الثقة العالمية بالاقتصاد السعودي وتطوير المملكة للسوق المالية وتسهيل وصول رؤوس الأموال. كما أشادت «بلومبيرغ» بتحسن النمو الاقتصادي في المملكة وذلك خلال مؤشر مديري المشتريات.. حيث ارتفع في شهر مايو الماضي إلى 57.3 كأفضل رقم يتحقق منذ 2014م. وأشارت «بلومبيرغ» إلى أن أرقاماً تظهر أن الاقتصاد السعودي أضحى أكثر قوة وأن نمو القطاع غير النفطي السعودي سيظهر تسارعًا بعد تحسن أدائه خلال الربع الثاني من 2019 إلى مستويات تقارب ما كان عليه قبل 4 سنوات. وتوقعت «بلومبيرغ» أن يسجل القطاع غير النفطي السعودي نموًا بنسبة 2.6 % هذا العام بدلاً من 2.1 % في 2018.
وكشف تقرير حديث صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد» ارتفاع قيمة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخلة للسعودية إلى 3.21 مليار دولار خلال 2018 بنسبة ارتفاع بلغت 126 % مقارنة بتدفقات 2017 البالغة 1.42 مليار دولار. وهو ما يؤكد نجاح رؤية المملكة 2030 في بناء اقتصاد متنوع المصادر ومتجدد الأدوات والوسائل كما قال محافظ الهيئة العامة للاستثمار. وارتفع الرصيد الإجمالي للاستثمارات الأجنبية المباشرة الداخلة للمملكة إلى 230.79 مليار دولار بنهاية 2018.
ونمت الاستثمارات الأجنبية في المملكة بنسبة 9.4 % خلال عام من 1.361 مليار في 2017 إلى 1.488 مليار ريال في 2018م.
وقفزت نسبة المستثمرين الأجانب في السوق المالية السعودية قفزة كبيرة من 4 % إلى 7 % خلال الستة الشهور الأولى من عام 2019م.
من ناحية أخرى وصلت أرباح شركة «أرامكو» السعودية 417 مليار ريال ما يعادل 111.071 مليار دولار في عام 2018 مقابل 75.898 مليار دولار في عام 2017 بنمو نسبته 46.3 %. في حين بلغت إيرادات «أرامكو» 355.940 مليار دولار في 2018 ارتفاعًا من 264.176 مليار دولار في 2017. ومتوسط العائد على رأس المال 41 %. والاحتياطيات الثابتة للشركة تصل إلى 257 مليار برميل مكافئ نفطي بنهاية العام 2018. ولقد وصلت أصول «أرامكو» الإجمالية 358.978 مليار دولار في عام 2018 ارتفاعًا من 294.014 مليار دولار في 2017.
ولقد رفعت (بي بي) تقديراتها لاحتياطات النفط الخام السعودية بنهاية العام الماضي بنسبة 12 %.. وتغير تقدير احتياطات النفط السعودية المؤكدة إلى 297.7 مليار برميل في نهاية 2018 من 266.2 مليار برميل في تقرير العام 2017م.
وشهد العام 2018 أكبر ميزانية في تاريخ المملكة. وحققت المملكة فائضًا في الربع الأول بنحو 28 مليار ريال بعد عجز مقدر بـ 33 مليار ريال.
ونمت أصول صندوق الاستثمارات العامة إلى أكثر من 1.5 تريليون ريال خلال عامين. حيث نمت أصول صندوق الاستثمارات العامة من 580 مليار ريال إلى أكثر من 1.5 تريليون ريال خلال عامين فقط.
كما نمت أرباح الشركات المدرجة في سوق المال بأكثر من 11 % بنهاية العام الماضي.
وأعلنت الهيئة العامة للإحصاءات عن انخفاض البطالة خلال الربع الأول من عام 2019 مقارنة بالربع الأول من عام 2018 من 12.9 % إلى 12.5 %.
واحتلت المملكة المرتبة 12 بين دول مجموعة العشرين.
وفي تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2019 الصادر من مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية بمدينة لوزان السويسرية ارتفع مركز المملكة من المرتبة 39 في عام 2018 إلى 26 في 2019 متقدمة بـ 13 مرتبة عن العام الماضي. وحققت المركز الثاني عالمياً في نمو صادرات البضائع والمركز السادس عالمياً في الإنتاجية العامة والسابع عالمياً في ميزان الحساب الجاري، والتاسع عالمياً في كفاءة إدارة المالية العامة والعاشر عالمياً في الاستثمار في الاتصالات، والثامن عالمياً في تكيف السياسات الحكومية مع المتغيرات الاقتصادية، والخامس عشر في شفافية السياسة الحكومية، والثامن عشر في التحول الرقمي في الشركات، والعشرين في الخدمات البنكية والمالية.
وكانت بعثة خبراء صندوق النقد الدولي قد أكدت تقديرها الإيجابي للإصلاحات المالية والاقتصادية للعام 2019. وأشادت البعثة بتحسن مستوى الشفافية المالية العامة. كما أشادت بعلاقات الشراكة بين القطاعين العام والخاص. كذلك أشادت بارتفاع مستويات التوظيف وزيادة نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل. وأشادت أيضاً بتمتع البنوك بالربحية والسيولة وامتلاكها مستوى جيدًا من رؤوس الأموال.
وكان صندوق النقد الدولي قد أكد في تقرير (آفاق الاقتصاد العالمي) الصادر في شهر أكتوبر 2018 استمرار نمو اقتصاد المملكة خلال العامين 2018 و2019 بعد انكماشه بنسبة 0.9 % عام 2017 وذلك نتيجة تطوير المملكة للسوق المالي.
واستمرارًا لمسيرة الإنجازات تم اختيار المملكة لتكون أول دولة عربية عضوًا في مجموعة العمل المالي (فاتف) خلال الاجتماع العام للمجموعة في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي جاء نتيجة لجهود المملكة في محاربة غسل الأموال وجرائم تمويل الإرهاب وتجفيف منابعه.. كما جاء نتيجة لمتانة وجدارة وفاعلية الإجراءات المالية التي تقوم بها من أجل بيئة مالية تتسم بالاستقرار والوضوح والموثوقية.
ولقد ارتفع الناتج المحلي خلال الربع الأول من 2019 بنسبة 1.66 % في مقابل 1.38 % خلال الفترة نفسها من 2018م.
وتراجعت تحويلات الأجانب إلى 9.9 مليار ريال خلال مايو الماضي بنسبة 21.6 % مقارنة مع 12.75 مليار ريال في مايو 2018م.
ويعكس إعلان وكالة «فيتش» في شهر أبريل 2019 بأن التصنيف الائتماني للمملكة (مع نظرة مستقبلية مستقرة).. يعكس القوة المالية التي تتمتع بها المملكة. بما في ذلك الاحتياطات الأجنبية ونسبة الدين العام المنخفضة إضافة إلى الأصول الحكومية الضخمة.
وأشادت (موديز) ببرنامج رؤية المملكة 2030 وذكرت في تقريرها الأخير إلى أن البرنامج يحظى بدعم كبير على الصعيد المحلي ولا يزال النشاط في تحقيق مستهدفاتها مرتفعًا للغاية. وأشادت الوكالة بالتقدم الملاحظ على صعيد مؤشرات الحوكمة العالمية حول تقدم مركز المملكة في مؤشرات فاعلية الحكومة منذ عام 2015. وأبرزت «موديز» الارتفاع الكبير في الإيرادات غير النفطية الذي بلغ 10.1 % في 2018 مقارنة بـ4.5 % في 2014.
A+)
وارتفعت الاستثمارات السعودية المباشرة في الخارج للربع الخامس على التوالي لتصل قيمتها إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، وذلك بنهاية الربع الأول 2019 لتبلغ قيمتها نحو 415.4 مليار ريال. وقفزت خلال عام بنسبة 26 % في العام 2019 مقارنة بالعام 2018م.
ولقد ارتفعت الأصول الاحتياطية السعودية لدى صندوق النقد الدولي لتسجل مستويات قياسية كأعلى قيمة في 3 سنوات بنهاية النصف الأول من عام 2019 ليتجاوز إجمالي الاحتياط 8 مليارات ريال. وارتفع الاحتياطي خلال عام واحد فقط بنسبة قاربت 46 %. وارتفعت أصول النقد الأجنبي والودائع في الخارج بنسبة 6.25 % لتصل إلى 701.18 مليار ريال بنهاية النصف الأول من 2019.
ولا أملك في الختام سوى أن أتوجه إلى الله عز وجل بالحمد والشكر على كريم نعمائه.. سائلاً المولى عز وجل أن يحفظ ويحمي بلادنا وقادتنا وأمتنا.. أنه سميع مجيب.