د. خيرية السقاف
أليس من ضابط لهذا الطغيان الفاجر على أراضي العراق وشمال سوريا الآن؟!..
أم أن نسيجه قد اشتد، ليمتد، لأن الذين حاكوه، ونسجوه، غزلوه، وعقدوه، قد بلغت غاياتهم
أوجها منه فاستوى على سعة الرقعة التي خططوا لأن يفردوا عليها نسيج صنعهم،
كأنما هذا النسيج سجادة إيرانية فاخرة صنعوها بسعة الأرض التي يطمحون، ما استوت في حجمها بدأوا في بسطها حيث يشاؤون؟!..
هذا العراق، وهذه سوريا في التنفيذ، والأردن في الفكرة، والشهوة الانقضاض على اليابس والأخضر، والبئر والعين، والخليج والنهر، والتلال والشواطئ، والصحراء والممرات؟!.. ومن ثم إلى أين؟!...
يا لحقد إيران، وإسرائيل، والغرب، وأمريكا، وتركيا، والمنافق، والطامع وذي الأغراض من ضعفاء القوم..
أهو قدر أن يشت الرضيع عن محضنه، والراكع عن مقامه، والنائم عن مرقده، والعامل عن مصنعه، والخباز عن فرنه، والمعلم عن صفِّه، والخطيب عن منبره، والطالب عن مدرسته. والمريض عن مصحته؟
وأن تُحرق البسمات في الشفاه، وتُلحم الكلمات في الأفواه، وتتشظى الأعضاء في الأجساد،
وأن تُزهق الأرواح، وتستباح المدن، ويداس التراب تحت كل هؤلاء؟!..
أهو عدل أن تُخلط الحدود، وتُنقض الأسوار، وتُقتحم البلدان؟! ولا حيلة لعزَّل، ولا قوة لمغدور؟!..
في شمال سوريا، وعمق العراق، وحيث الفتك، والعدوان تفجرت خزائن الكاذبين، وتشظت أوراق المدلسين، وتطايرت أحبار المعتدين، وانكشفت نوايا الطامعين، والموالين سافرة، عارية، عن الحقائق التي تطمرها المفاوضات، وتلمعها الأكاذيب، ويغلفها الغش، ويؤكدها فراغ المغدورين من الدرع والضرع، والقوة، والثقة!!..
خائنون للإنسانية حين تُنقض الاتفاقات،
خائنون للحياة، والحرية، والحق..
ففي المعمعة تبخرت الوعود، وانكشفت الأغطية، وخرج مارد يفتك بيد، ويظهر الحقائق بيد أخرى..
{فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}..