الثقافية - محمد هليل الرويلي:
وصف ضيف زاوية «ذاكرة الكتب» في هذا العدد رئيس نادي القصيم الأدبي الثقافي الناقد الدكتور حمد بن عبدالعزيز السويلم الكتاب ببوابة النبوغ والعبقرية, مشيرًا إلى كم من عالم فشل في التعليم ومع ذلك أصبح عبقريا, لارتباطه بالكتاب وانهمامه بالقراءة.
وقال: كانت صلتي مع الكتاب صلة موغلة بالقدم، إذ كان الكتاب والمجلة متاحين أمامي وفي متناول يدي منذ الصغر، وذلك بفضل اثنين من إخواني لهما اهتمام بالكتاب، فقد كان الأخ محمد - رحمه الله - مهتماً بمجلة العربي الكويتية، وكان لا يكاد يفوته عدد من أعدادها. ومن خلال هذه المجلة تعرفت على كبار الكتاب، وفي طليعتهم رئيسي التحرير، أحمد زكي ثم أحمد بهاء الدين. فالأول يأسرك بأسلوبه، والآخر بطريقة تفكيره. ومجلة العربي تقدم للقارئ معارف وتجارب لا تقدمها مناهج التعليم، فقد كانت تعرف بحضارات عفا عليها الزمن، من خلال باب ثابت بعنوان «حضارة سادت ثم بادت», وهي أيضاً تجري استطلاعات لمدن ذات ثقافة متنوّعة، فنتعرف على مجتمعات غريبة في ثقافاتها وعاداتها. وكم كنت مندهشا مع شعور بالاعتزاز حينما وجدت أن منطقة القصيم من الأمكنة التي زارها فريق المجلة وتحدث عنها بالتفصيل المدعم بالصور في أحد أعداد المجلة.
ثم كان أخي سليمان يقتني مكتبة تتضمن أهم الدراسات النقدية والأعمال الشعرية لكبار الشعراء المعاصرين، وقد آلت هذه المكتبة إلى بعد أن تحول صاحبها من علوم اللغة وآدابها إلى العلوم الإدارية.
* «ألف ليلة وليلة» من كتب البدايات التي أشعرتني أن الحياة رحلة طويلة محفوفة بالمغامرات
وعن بداياته مع القراءة قال «السويلم»: لا أذكر أول كتاب قرأته، لكن كتاب «ألف ليلة وليلة» من الكتب التي قرأتها في مرحلة مبكرة. وقد انبهرت بالعوالم المتخيلة والواقعية التي يتحدث عنها هذا الكتاب. لقد شعرت بعد قراءة هذا الكتاب أن الحياة رحلة طويلة محفوفة بالمخاطر والمغامرات، كما أحسست أن الحياة أوسع مما يقدر عقل شاب لم يبلغ العشرين.
وبين أن نواة مكتبته التي بلغت الآن عشرين ألف كتاب كانت عبارة عن إهداءات من معهد بريدة العلمي ومن جامعة الإمام محمد بن سعود، إذ كان يتم تكريم المتفوقين من خلال تزويدهم بالكتب المهمة كتفسير ابن كثير وتاريخ البداية والنهاية وكتاب البيان والتبيين وكتاب العقد الفريد وغير ذلك من الكتب القيمة. فيما يعد «الاتجاه الفني في التراث النقدي والبلاغي» أول كتاب طبع لي الصادر عن نادي القصيم الأدبي، وهو كان أطروحة الماجستير التي أنجزتها في جامعة الإمام بإشراف الدكتور بدوي طبانة - رحمه الله-. وكان هذا الكتاب محصلة لقراءات متأنية في كتب التراث النقدي والبلاغي.
* أهم كتبي النقدية «دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة»
وزاد: قرأت كثيراً من كتب التراث والكتب الحديثة في النقد والفكر، وكان كتابي عبد القاهر الجرجاني دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة من أهم الكتب التي أثرت حصيلتي النقدية، ويوجد عندي لكتاب الدلائل أربع طبعات أهمها طبعة الشيخ محمود شاكر. بيد أنني تحولت مؤخراً من قراءة مصادر النقد و البلاغة إلى قراءة الكتب الفكرية والفلسفية.
وأهم كتاب قرأته مؤخراً وأثر في تفكيري أثراً واضحاً هو كتاب الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر «الكينونة والزمان» كان مشروع هايدجر في هذا الكتاب البحث في مشكلة معنى الوجود، وكان يهدف إلى إنشاء «فلسفة للوجود» أساسها تحليل الوجود بطريقة مختلفة عن بحث القدامى في الموجود.
* «هايدجر» يحرض على التفكير بطريقة مختلفة
- وفي متناول إجابته عن الكتاب الذي ما زال يبحث عنه قال الدكتور حمد السويلم: الكتاب الذي بحثت عنه كثيرا هو كتاب «ماذا يعني التفكير» لمارتن هايدجر. هذا الكتاب ترجمته الباحثة الجزائرية نادية بو نفقة. وهو من منشورات «ديوان المطبوعات الجامعية» في الجزائر. وقد بحثت عنه في الجزائر العاصمة، وبحثت عنه في المغرب، و في معرض الرياض، وفي معرض أبوظبي الدولي. وكلفت بعض الأصدقاء والزملاء الجزائريين، وحتى الآن لم أظفر به. وقد حرصت على اقتناء هذا الكتاب لأنه في نظري مكمل لكتاب «الكينونة والزمان»
وحينما أركز على كتب «هايدجر», فلأنه المفكر الذي اهتم بالبحث في القضايا المتعلقة بالوجود والإنسان من خلال رسم آفاق العلاقة بين مختلف العلوم الإنسانية، حيث ينصهر عنده علم الفلسفة مع اللسانيات والنقد الأدبي. إضافة إلى قدرته على التحريض على التفكير بطريقة مختلفة.
الكتاب المهم في نظري ليس الذي يقدم إليك المعلومة، فالمعلومة متاحة بأيسر السبل، بل الكتاب الذي أراه جديراً بالقراءة هو الكتاب الذي يغير طريقة تفكيرك، هو الكتاب الذي يثير فيك دهشة السؤال، هو الكتاب الذي يخاطب عقلك. ليس الكتاب الجيد هو الذي يقدم لك ما تريده، وإنما هو الذي يواجهك ويستفزك ويبعث فيك الرغبة في التفكير. وأجد هذه الصفة في كثير من المفكرين الغربيين يأتي في طليعتهم هايدجر ثم جاك دريدا ثم قدامير ثم جيل دولوز وغيرهم.