د.عبدالعزيز الجار الله
بلد بهذه المساحة (نحو مليونَي كيلومتر مربع)، يستحوذ على (70 %) من مساحة شبه الجزيرة العربية، وبلد بهذا الحجم من الانتشار الاستيطاني، وتوزيع المناطق المتباعدة والمحافظات العديدة (أكثر من 106)، والمدن المكتظة، والمراكز الصغيرة أكثر من (1377)، والقرى والتجمعات التي يصل تعددها إلى الآلاف، وسكان تجاوزوا (32) مليون نسمة بهذا الحجم الاستيطاني.. بلد بهذا التنوع من التركيبة الجيولوجية الصعبة والقاسية واقع بين درعين، هما الصخور النارية والصخور الرسوبية، ومن البناء الجيمورفولوجي المعقد والمركب، والتضاريس المتباينة من مرتفعات غربية، جبالها شاهقة، والتهامة فيها منخفضة، قريب من مستوى السهل الساحلي الغربي، والبحر الأحمر على طول حدودنا الغربية بطول سواحله (2000) كم، يفصلنا عن القارة الإفريقية، ومن الشرق الخليج العربي بطول ساحله (1000) كم، يغطي معظم الحدود الشرقية التي تفصلنا عن وسط آسيا، وفي وسط بلادنا بحار الرمال: الربع الخالي والنفود الكبير ورمال الدهناء ورمال الجافورة، وبينهما هضاب واسعة، وحافات مرتفعة، وجبال عالية، هي فواصل طبيعية بين البيئات. بلد حدوده الدولية البرية طويلة جدًّا مع عدد من الدول، وحدود بحرية واسعة متجاورة ومقابلة لنا؛ فحدود البر من الشمال والشمال الشرقي العراق، ومن الشمال والشمال الغربي الأردن، من الشمال الشرقي الكويت، ومن الشرق قطر والإمارات، ومن الجنوب والجنوب الشرقي عمان، ومن الجنوب والجنوب الغربي اليمن. أما الحدود البحرية فمن الشرق على الخليج العربي حدود متجاورة ومتقابلة: البحرين، قطر، إيران والإمارات. وفي البحر الأحمر كذلك حدود متجاورة ومقابلة: السودان، اليمن، الكويت، الأردن، مصر وإريتريا. هذه المعطيات شديدة التركيب والبناء الجيولوجي والطبوغرافي لا تستطيع أن تجعل منا البلد الاقتصادي القوي، والدولة التي تحمي حدودها بالسرعة العسكرية المطلوبة في المواجهات والحروب الحدودية، وأيضًا الربط بين مدننا العسكرية، والبلد الذي يحضر لدخول المنافسة العالمية في الصناعات النفطية والتعدين، والدولة التي تسعى إلى بناء سياجها الاجتماعي عبر نسيج اجتماعي وطني متنوع في ثقافاته المحلية.. لا نستطيع أن نحقق هذه المعادلات من البنيات الطبيعية والسكانية والبيئية وتنوع مصادر الدخل، ونعمل على الموائمة بين هذه المعطيات: الأمن والاقتصاد والاستثمار والمجتمع.. دون أن يكون لنا أكثر من مشروع مالقطارات الضخمة العابرة وشبكات قطارات داخل المدن، وقطارات بين المناطق والمدن عبر شبكات عملاقة من أجل تحقق الأهداف العليا لبلادنا.