د. أحمد الفراج
نتحدث اليوم عن واحد من أهم رؤساء أمريكا وأفضلهم، ولكنه أيضاً يصنَّف على أنه من أسوأهم، فكيف يستقيم ذلك؟! يستقيم، لأننا نتحدث عن ريتشار نيكسون، داهية السياسة، الذي صعد من العدم، ليتسنَّم رئاسة أمريكا في واحدة من أهم مراحلها، فقد نشأ في عائلة فقيرة، وكان يقول: «إنه لأمر جيد أن تكون فقيراً ولكنك لا تعلم ذلك»، وبعد أن تخرَّج من جامعة دوك العريقة، عمل في المحاماة، ثم امتهن السياسة، وانتخب عضواً في مجلس النواب، في نهاية أربعينات القرن الماضي، ثم انتخب لمجلس الشيوخ، بعد ذلك بسنوات، وعندما ترشّح الجنرال الشهير، ديويت ايزنهاور، للرئاسة في انتخابات عام 1952، اختار نيكسون ليكون نائباً له، ولم يكن الأخير حينها قد بلغ الأربعين من عمره، وغني عن القول إن ايزنهاور ترشّح، بعد أن سطع نجمه، عندما قاد قوات الحلفاء للنصر، خلال الحرب العالمية الثانية.
فاز الجنرال ايزنهاور بالرئاسة، ولمع نجمه ونجم نائبه، ريتشارد نيكسون، الذي لم يكن نائباً عاديّاً للرئيس، إذ كان الرئيس الجنرال يوكل له مهمات كبيرة، نظراً لخبرته السياسية في الكونجرس، وقدرته على المناورة، فهو يوصف بأنه سياسي بالفطرة، يعرف ماذا يريد بالضبط، وما هي الطرق التي توصله لما يريد، وبعد نهاية رئاسة ايزنهاور التي استمرت لفترتين (8 سنوات)، ترشَّح نيكسون للرئاسة في عام 1960، وخسر بفارق ضئيل جداً، أمام النجم اللامع، الديمقراطي جون كينيدي، ولأنه مقاتل شرس، فلم ييأس، وانتظر 8 سنوات ليترشَّح للرئاسة مرة أخرى في عام 1968، ثم فاز، وكانت فترة رئاسته جيدة، فقد اتخذ الكثير من القرارات المهمة داخليًا وخارجيًا، ويُحسب له أنه استطاع أن يتعامل بمهارة فائقة مع خصمي أمريكا، الاتحاد السوفييتي والصين، رغم أن له موقفاً حادّاً وصلباً من الشيوعية، فقد فتح آفاق العلاقات مع الصين، ويعتبر هذا من أهم إنجازاته، ولأن فترة رئاسته لم تكن عاديّة، بل كانت صاخبة ومليئة بالأحداث الجسام، التي انتهت باستقالته، فسنواصل الحديث عنه في المقال القادم!