د.الجواهر عبدالله بن دهيش
بادئ ذي بدء تعتبر الأسمدة الكيميائية التي أطلقت الثورة الزراعية الخضراء في الخمسينيات والستينيات من القرن الميلادي الماضي نعمة عظمى للبشرية، إلا أن ذلك كان على حساب صحة الإنسان والبيئة، حيث زادت هذه الأسمدة من كمية المحاصيل الغذائية، بينما عملت في الوقت نفسه على خفض جودة تلك المحاصيل، وقللت من خصوبة تربتها خلال العقود الماضية، إضافة إلى أنها أضعفت المقاومة البيولوجية للمحاصيل الزراعية مما جعلها عُرضة للآفات والأمراض. وكما هو معلوم فإن الأسمدة الكيميائية تعمل على إفساد التربة تدريجياً، لأنها تزيد من تركيز المواد الكيميائية الضارة في المياه الجوفية مما يؤثر سلباً على الغذاء الذي يتناوله الإنسان.
وتعد طرق الزراعة العضوية هي الحل الأمثل لسلامة الإنسان عند تناوله الأغذية التي يتم زراعتها بهذه الطرق في المستقبل، ومن ضمن هذه الطرق هو السماد العضوي المنتج من النفايات الصلبة العضوية القابلة للتحلل الحيوي، بينما نحصل على النفايات الصلبة من المخلفات المنزلية والزراعية والحيوانية بكميات كبيرة في جميع أرجاء المعمورة، حيث يُلحظ تزايد هذه النفايات الصلبة عالمياً نتيجة لزيادة النمو السكاني والتحضر المدني والنمو الاقتصادي، بالإضافة إلى تغير سلوك الإنتاج والاستهلاك. وتقدر كمية النفايات الصلبة المنتجة ما بين (1.3) و(1.9) مليار طن سنوياً، ويتوقع أن تصل إلى (2.2) مليار طن سنوياً تقريباً بحلول عام 2025م.
ومما لا شك فيه فإن التخلص من النفايات الصلبة يُعد معضلة كبيرة تواجه معظم دول العالم، خاصة ما يشكله هذا الفاقد من النفايات الغذائية من خسائر اقتصادية كبيرة بسبب الهدر الهائل الذي يصل إلى نصف المحاصيل الغذائية قبل وصولها إلى المستهلكين بسبب إهمالها أو إصابات بالآفات والأمراض. وتُعد إدارة النفايات الصلبة العضوية القابلة للتحلل الحيوي عنصراً أساسياً في التنمية الزراعية، وجزءاً مهماً في النظام المتكامل لإدارة النفايات من خلال الحد منها عن طريق إعادة التدوير.
إن التخلص غير الآمن من هذه النفايات يؤثر سلباً على التربة والمياه، ويسبب أيضاً انبعاث الروائح الكريهة، وفي نهاية المطاف تشكل هذه العوامل خطراً على صحة الإنسان، كما أن الطرق المختلفة للتخلص من هذه النفايات سواءً أكانت فيزيائية أم كيميائية أم بيولوجية تستغرق وقتاً طويلاً، وما يصاحب ذلك من خسائر مالية باهظة. لذا؛ فإنه من الأهمية بمكان العمل على نشر ثقافة التسميد بسماد دودة الأرض والعمل على تبنيها، فهي تعتبر وسيلة واعدة للتخلص الآمن من النفايات الصلبة العضوية، كما تساعد هذه الوسيلة على إدارة نفايات الأطعمة ومخلفات المزارع والحدائق لتكون مصدراً للأسمدة الزراعية بهدف تحسين إنتاجية المحاصيل الآمنة. ويجدر بنا التنويه بأن التركيز على الزراعة العضوية والعمل بها؛ لما لها من الإيجابيات الكثيرة للتنمية المستدامة، وتبشر بخير كبير تجارياً ومجتمعياً لدورها في الاستدامة البيئية والإنتاجية والحفاظ على التربة وسلامتها، فهي أصبحت مطلباً ملحاً من أجل الحفاظ على صحة الإنسان والغذاء والبيئة.
ولعله من المناسب توعية المزارعين وتشجيعهم على استخدام سماد دودة الأرض، لأنها غنية بالعناصر الغذائية المسؤولة عن نمو النبات وإنتاجيته للأفضل المسؤولة عن نمو النبات وإنتاجيته للأفضل، حيث يمكن إضافته إلى التربة دون آثار ضارة على نمو المحاصيل الزراعية على عكس غيرها من الأسمدة الكيميائية. علماً بأن سماد دودة الأرض يمتاز بمسامية عالية وتهوية وتصريف، وقدرة على احتجاز المياه، والاحتفاظ بالمغذيات لفترة أطول، حيث تعمل على تكيّف التربة، ويؤدي تطبيقها على مر السنين إلى تحسن كامل في جودة تربة الأراضي الزراعية، ولاسيما الترب المتدهورة. كما أود التأكيد على أن سماد دودة الأرض تقنية فعالة لتوفير تغذية أفضل من النفايات العضوية وتحويلها إلى مورد متجدد ومفيد ومستدام بدون تكلفة تذكر. لذا؛ فإن التحدي الذي يواجهنا اليوم هو دخول سماد دودة الأرض كمنتوجات ضرورية في عملية التسميد بالأسواق الزراعية العالمية، كما يتطلب الحال أيضاً وضع السياسات البيئية والزراعية الملائمة على محمل الجد، والاهتمام بها لنتمكن من الحصول على نهج حياة صحية متكاملة.