د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
في مساء وطني إعلامي لافت استضافتْ صحيفة الجزيرة الغراء معالي رئيس مؤسسة البريد السعودي المهندس آنف أبانمي في ندوة حوارية بين معاليه ممثلاً لقطاع خدمي لن يأفل؛ وإن عاد عهد [حمائم الأيك] وبين مؤسسة إعلامية عريقة ممثلة برئيس تحريرها الأستاذ خالد المالك وهو الرجل الوطني الذي جايل الخدمة البريدية وعلم تبدل أحوالها في عهود مختلفة، وحضور خِصْبٌ من بعض كتاب صحيفة الجزيرة وكاتباتها، وفي تلك الإطلالة الإعلامية المجزية علمنا من معاليه بما يتوارد دائما عن مسار الخدمات البريدية كما يراها بعين القائد! ودائما ما يردف معاليه بالفراغات التي حدثت من بعض صور النكوص، ولقد كان عقل معاليه يغالب وجدانه وهو يحدثنا عن مولوده الجديد الذي يكبره بتسعين عاما ونيفا؛ فمعاليه تسلم قيادة القطاع في عامه الفائت ومؤسسة البريد هرمة بدا عليها شحوب النأي عن مواكبة جودة الحياة إلا في مسترادها الحديث، ولكن معاليه صدق، وصدّق وفصّل؛ وبدت محمولاته من الهموم مرتبة مصنفة! وتلك قفزة في القيادة جديرة بالرصد، وإن اقتربت من الأولويات في مسارها ولكنها في مؤسسة البريد تمور مورا، والمنهج الذي تسير عليه مؤسسة البريد حاليا هو ما تحتاجه القيادات العليا في المؤسسات الخدمية بأن تنظر إلى قطاعاتها بأكثر من طريقة وبعيون كثيرة، ومن خلال اتخاذ أكثر من منهج، ومن خلال الحصول على المشورة من أطياف مختلفة، يحكم ذلك استراتيجية عليا تضع القواعد لبناء مُشغّل وطني فعال، وأنيق ومجزٍ في ذات الوقت! ويؤكد معاليه في مفاصل طرحه وإجاباته على أن مؤسسة البريد السعودي تأمل أن تصل إلى جودة عليا لتقديم أفضل الخدمات اللوجستية البريدية وأن التنقيب جار عن خطوات غير تقليدية في تقديم عموم الخدمة، ومن اللافت في حديث معاليه أن التركيز حاليا على الفرص دون إغفال لمصالح المؤسسة وموظفيها والمستفيدين من خدمة البريد، ولقد ظهر أثناء الندوة وحواراتها عزم معاليه على صنع القرارات المؤسسية في كل المكاتب والفروع التابعة للمؤسسة، وأن هناك خطة استراتيجية تضم خرائط إنتاج جديدة للتوجه للربحية النافعة للوطن والمواطن، وركز معاليه على صناعة الوجه الجديد للخدمة البريدية من خلال حيازة الفرص الوطنية والاجتماعية الجديدة مثل التجارة الإلكترونية وخدمة إيصال الوثائق الخاصة بالأفراد؛ وبيّن معاليه أن مؤسسة البريد تتوجه للاستفادة من الأصول الموجودة في بساط القطاع مثل المكاتب المنتشرةوأسطول السيارات بما يحقق الأهداف الوطنية العليا في عمومها وأهداف الخدمة البريدية؛ وما يستلزم ذلك من إعادة الهيكلة في بعض أعمال المؤسسة، كما أن ما طرحه معالي رئيس مؤسسة البريد السعودي من المتكآت الجديدة لبث روح جديدة تواكب روح بلادنا الوثابة كثير كثير؛ ومنها الشراكات المحلية والعالمية وبناء نموذج التشغيل الوطني المتين، وتسكين القوى البشرية العاملة في البريد في مواقع مناسبة بعد صياغة جملة من مؤشرات الكفاءة المهنية ودعم تحقيقها ببرامج تطوير عليا، وحيازة المستوى المؤسسي العالي، وأوجز معاليه أن تحقيق القيمة المضافة نحو منظومة البريد كاملة لن تتم في زمن وجيز ولكن المؤسسة تمضي قدماً وبخطوات مدروسة لزيادة فعاليتها الخدمية، وصناعة التحول وصياغة رسالة البريد في ثوب جديد لحيازة أكبر قدر من المكاسب الرابحة التي يجلبها رضا المستفيدين من الخدمة؛ واللافت في حديث معاليه أن المؤسسة تسعى وبجدية لإحلال التقنية بشكل متكامل كميسر وداعم للخدمة البريدية وليس بديلاً عنها وأن التقنية أداة كبرى للقضاء على تدني بعض نقاط الأداء وتقليديتها خاصة مع تراجع الاحتياج للمراسلات التقليدية.
ولقد حقق البريد السعودي مكتسبات عالمية جديدة في مقياس [حالة التنمية البريدية] كما نشرته الصحف ووسائل الإعلام في الأسبوع الماضي فحازت المرتبة 68 عالمياً والرابعة عربياً [وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا].
والحقيقة أن الرؤى التي حملها معالي رئيس البريد السعودي تحمل أطواقاً من الأماني الوطنية المكتنزة بالعمل الجاد لتحقيقها، وأن مؤسسة البريد تبحث عن امتدادات جديدة في البر والبحر للمزيد من الشراكات الناجحة، وأن الاستراتيجية الوطنية للبريد كما شرحها معاليه عازمة في ثناياها على تحقيق سقف عال من مسئولية القرار، وبناء اصطفاف كبير من الثقة بالمنجز السعودي في دقة المنتج الخدمي وسرعة إنجازه، وبإذن الله ثم بالجهود المخلصة ستكون الإنتاجية متجاوزة لنمو الطلب، ونرجو أن يكون للبريد معارفه العلمية الخاصة؛ فتكون له في قطاعي التعليم والتدريب منصات تحمل كوادره وتُعدّهم ليعملوا فيه؛ كما أن الخبرة العالمية مطلوبة أيضا في ذلك القطاع الخدمي العام؛ فنأمل أن يكون هناك مقاعد ابتعاث للكوادر البشرية التي تعمل في البريد أو تُسْتَقطب له.
بوح صناديق البريد..
هل تكون مؤسسة البريد السعودي انصهارا آخر في دهشتنا الحديثة!؟ نتمنى ذلك بعون الله ثم بجهود القيادات الواعية لما وراء الصناديق!