د. أحمد الفراج
نواصل حديثنا عن رؤساء أمريكا. وضيفنا اليوم لم يُنتخب رئيسًا، وإنما خدمته الظروف المأساوية للرئيس جون كينيدي، الذي اغتيل بطريقة بشعة، لا تزال ذكراها حية في ذاكرة الأمريكيين، ولا تزال الشكوك تدور حول دوافعها ومَن وراءها حتى يومنا هذا، رغم إغلاق الملف رسميًّا. فبعد اغتيال كينيدي في عام 1963 تسنم الرئاسة بعده ضيفنا اليوم، ليندون جانسون، الذي كان نائبًا للرئيس، ثم ترشح للرئاسة في عام 1964، وفاز بها هذه المرة بفارق كبير. وجانسون جنوبي من تكساس، ويعتبر واحدًا من أربعة أشخاص فقط عبر التاريخ السياسي لأمريكا يتم انتخابه لكل المناصب الفيدرالية، أي مجلس النواب ومجلس الشيوخ ونائب الرئيس ثم الرئيس. وهو سياسي قوي الشخصية، برز في الكونجرس بشقيه، قبل أن يختاره كينيدي نائبًا له، ثم يخلفه بعد اغتياله.
فترة رئاسة جانسون كانت في ستينيات القرن الماضي، وهي الفترة التي كانت فيها أمريكا في حرب مع نفسها بسبب حركة الحقوق المدنية. وبما أن كل رئيس أمريكي يحرص على أن يكون له إنجاز يدخله التاريخ، فإن جانسون دخل التاريخ من أوسع الأبواب بعدما وقّع قانون المساواة بين السود والبيض في عام 1968، وهو القانون الذي ألغى التمييز العنصري. وللتاريخ، فإن سلف جانسون، الرئيس كينيدي، كان له دور كبير في السعي خلف هذا القانون التاريخي. وعلاوة على ذلك، فقد حقق إنجازات أخرى، تتعلق بقوانين الهجرة والخدمات الصحية، وكذلك مساعدة أصحاب الدخل المحدود.. ولم يعكر صفو فترته الرئاسية إلا التورط في حرب فيتنام؛ إذ أفسدت كثيرًا من إنجازاته، وتسببت في تخليه عن فكرة الدخول في معركة إعادة الانتخاب لعام 1968. ورغم كل ذلك، فإن المؤرخين يصنفونه في مرتبة جيدة، ربما ضمن أفضل عشرين رئيسًا، وكذلك الاستطلاعات الشعبية، وخصوصًا الأمريكيين السود.. وربما لو لم تكن حرب فيتنام لأصبح ضمن أفضل عشرة رؤساء؛ فبعض المؤرخين يقارنون إنجازه المتمثل بتوقيع قانون الحقوق المدنية بما فعله الرئيس التاريخي لينكولن، الذي حرر الأرقاء من العبودية قبل جانسون بقرن كامل!