محمد آل الشيخ
يسألني كثيرون، وربما ينتقدني بعضهم، عن سر تركيزي على دويلة قطر، سواء من خلال مقالاتي في هذه الصحيفة، أو من خلال تغريداتي في تويتر على الإنترنت؛ ويعتبر بعضهم أن تحميلي على تلك الدويلة الصغيرة التي لا تكاد ترى على الخريطة والمرتمية على ضفاف الخليج العربي، فيه قدر كبير من المبالغة غير المبررة. لهؤلاء أقول: إنني أمارس الكتابة في هذا العمود الصحفي قرابة العشرين سنة، وبحكم هذه الممارسة فأنا أزعم أنني أرصد تصرفات وقرارات هذه الدويلة (الثرية) عن كثب، ويهمني مواقفها لأنها دويلة عدوة، وشريرة، ليس بسبب قيمتها الدولية، ولكن لأنها على استعداد أن تنفق كل دخلها لإيذائنا والإساءة لنا؛ فقد جعلت على رأس أولويات أهدافها السياسية التي لا تعلو عليها أي أهداف أخرى، العمل على هز الاستقرار السياسي الداخلي، واستقطاب كثير من الصحويين والإغداق عليهم واستغلال الدين، والتذرّع بعدم تطبيق الشريعة، مادة يستخدمونها للإساءة للمملكة، كما أن (كل) المنشقين السعوديين في الخارج يدفعون لهم بسخاء لشتم وسب والقدح في مسؤولي المملكة؛ وكان حمد بن خليفة أمير قطر السابق قد اعترف بلسانه أن أجندته هي إسقاط المملكة، عند حديث (غبي) للقذافي، الأمر الذي يجعل ما أقول يرتقي من التكهنات إلى درجة القطعية، على اعتبار أن الاعتراف هو سيد أدلة الإدانة التي لا يرقى إليها أي دليل آخر.
ذهب حمد أو هو خُلع، وجاء ابنه تميم، ووقع بواسطة من أمير الكويت تعهداً بأن يكف عن محاولات أبيه في التدخل في شؤون الآخرين، ويتخلى عن مغامراته العبثية التي ابتدعها والده، وساقته إلى الموقف المحرج الذي وضع فيه دولته؛ غير أن شيئاً من ذلك لم يحدث، واكتشفنا فيما بعد أن مقاليد السلطة ما زالت في يد حمد، وليس تميم إلا ديكاً ورقياً، أو كما يسميه السعوديون (خيال مآتة) لا يهش ولا ينش، فاضطرت الدول الأربع، وعلى رأسها المملكة، لقطع العلاقات مع هذه الدويلة (المؤذية).
وبدلاً من أن يرعووا، ويثوبوا إلى عقولهم، ويعرفوا قدراتهم وإمكاناتهم، جعلوا الإساءة لدول المقاطعة هدفاً وغاية، لا ترقى إليها أية غاية، ففتحوا خزائنهم لكل من هبَّ ودبَّ يغرفون منها بلا حساب، لكنهم في كل مرة يفشلون، وتذروا ملايينهم الرياح.
وأنا على يقين لا يخالجه شك أن بقاء النظام القطري فاعلاً يعني أن أي جهد لتجفيف منابع الإرهاب سيبوء قطعاً بالفشل، لذلك فإن العمل على مقاطعة هذا النظام في هذه الدويلة يجب أن نضعه من ضمن الأولويات، وانتظار موت الأب عسى ولعل أن تميم مغلوب على أمره، هو مجرد (أمل) ليس بالضرورة أن يكون صحيحاً، أضف إلى ذلك أن جماعة الإخوان يحكمون مفاصل الدولة في قطر، وقد مكَّنهم حمد من التوغل في آليات صناعة القرار القطري والتحكّم فيه وفي توجهاته، لذلك فإن كراهية القطريين الأصليين لهم لا تكفي، لا تكفي لأن جذورهم منغمسة انغماساً يكاد يكون شبه كامل في دوائر صناعة القرار، ما يجعل التعويل على تميم يعوزه كثير من المنطقية ليتحقق.
وختاماً أقول: أنت لا تختار جيرانك، ومثل هذه الدويلة يجب أن نبقيها تحت الأضواء، لأنها دولة لن تتورّع عن الإساءة للمملكة متى وجدت إلى ذلك سبيلا.
إلى اللقاء.