فهد بن جليد
التقويم المستمر وإلغاء اختبارات الصفوف الدُنيا سوِّق له فيما مضى على أنَّه من أفضل وأنجَّع الأساليب التعليمية في العالم التي يجب أن تطبقها وزارة (التربية والتعليم) آنذاك، لأنَّه يُكسب الطالب مهارات ومعارف يُتقنها بعيداً عن تلقين المعلومات وحفظها وترديدها وإعادة كتابتها في ورقة الاختبار دون فهم أو استيعاب، وهي المُعضلة الرئيسة في التعليم لدينا والتي حاولت الوزارة مشكورة علاجها بتلمُّس أفضل التجارب وتطبيقها.
التقويم المستمر اعتمدته الوزارة كأسلوب مُحدَّد ومُتقن بإجراءات وضوابط معينة لتقويم الطالب طوال العام بغرض رفع كفاية تحصيله ليجمع المهارات المُراد استيعابها، بالملاحظة والواجبات والمشاركة والتدريبات وأحياناً بالاختبارات الفصلية، مع مُراعاة نفسية الطالب وشخصيته وتحفيزه، والعناية بالجانب التطبيقي وتجنب الآثار المرتبطة بالخوف والقلق من الاختبارات النهائية في هذه المرحلة العمرية، وفجأة أعلن وزير التعليم إلغاء نظام التقويم المستمر بدءاً من الصف الرابع وأنَّ ما هو موجود الآن ليس في الأصل نظام تقويم مستمر، موضحاً أنَّه سيتم العمل على اختبارات مركزية للتقويم، فهل فشل نظام التقويم المستمر في مدارسنا؟ أم فشل المعلمون في تطبيقه؟ أم أنَّ ما هو لدينا ليس بتقويم مستمر كما وصفه معالي الوزير؟ ونودُّ أنَّ نعرف إذاً ما هو النظام الذي طُبِّق؟ ولماذا بهذه الصورة؟ وكيف قُدِّم على أنَّه تقويم مستمر؟ ومن المسؤول عن السنين التي قضاها جيل بأكمله في تأسيسه بهذا النظام؟ وهل يمكن مُحاسبته والاستماع لوجهة نظرة أو معرفة الظروف التي صاحبت تطبيق التقويم بهذا الشكل؟
التعليم ثروة وطنية في كل الأمم توازي اقتصاد الدول، بل تتفوَّق عليه في الأهمية، ولا يجب أن يخضع نظام التعليم لتجارب الخطأ والصواب إطلاقاً، فأنت تتعامل مع جيل هم آباء المستقبل وعماد الأمة، إعدادهم يتم وفق رؤية وإستراتيجية وطنية شاملة مُعتمدة لسنوات عدة وغير قابلة للاجتهاد من أي طرف، فلا يتم إحداث أي تغيير عليها إلا برؤية شاملة وموازية وليس وفق فكر أو قناعات أو قرارات من مسؤولي الوزارة، وزير التعليم الحالي قدَّم أدلة يجب النظر إليها بجدية كاملة لمصلحة الطلاب ومستواهم التعليمي، ولكن هل تمضي المسألة بهذه البساطة حول التقويم المطبق وأثره، والمسؤولين عنه؟ مُجرَّد سؤال لا أكثر.
وعلى دروب الخير نلتقي.