د. أحمد الفراج
تواصل قافلة رؤساء الإمبراطورية الأمريكية رحلتها، وقد كتبنا عن أفضل عشرة رؤساء، وأسوأ عشرة، وهناك ما بينهما، أي في مراكز الوسط، فمنهم من يقترب من قائمة الأفضل، ومنهم من يدنو لقائمة الأسوأ، وغني عن القول إن التصنيف يعتمد على معيارين، معيار رأي المؤرِّخين، وهو الأهم والأقوى، إذ هو مبني على رؤية علمية وأكاديمية صارمة، وكذلك معيار الاستطلاعات الشعبية، التي تخضع لعوامل الولاء الحزبي والأيدولوجيا، وضيفنا اليوم هو الرئيس الجمهوري، كالفين كولدج، الذي تشبَّع بالخبرة السياسية، قبل أن يصبح رئيساً، بعد وفاة الرئيس، وارين هاردينق، في عام 1923، ثم انتخب رئيساً في عام 1924، وقد اشتهر بأنه محافظ، يؤمن بالتقليل من تدخّل الحكومة الفيدرالية في شؤون الولايات، وكان تعامله مع إضراب الشرطة في ولاية ماسشيوستس، في عام 1919، هو الذي منحه سمعة وطنية كسياسي يتمتع بالحزم والقوة.
كالفين كولدج كان محامياً بارعاً، وقد مرَّ بمراحل صقلت خبرته السياسية، فقد انتخب لمجلس النواب لولاية ماسشيوستس، ثم انتخب عمدة لمدينة ساوث هامبتون في ذات الولاية، وأعقب ذلك فوزه بمقعد في مجلس شيوخ الولاية، ثم رئيساً للمجلس، وبعدها صعد نجمه، ليفوز بمنصب نائب حاكم الولاية، ثم انتخب حاكماً لهذه الولاية الصغيرة والمهمة، التي تضم بين جنباتها جامعة هارفارد الشهيرة، ثم جاءته الفرصة الذهبية، عندما اختاره الرئيس، وارين هاردينق، نائباً له، وبعد وفاة الأخير أثناء رئاسته، خلفه ضيفنا اليوم، حسب الدستور الأمريكي، ثم انتخب رئيساً، بعد انتهاء فترة الرئيس الراحل، وتعتبر أهم إنجازاته هي إعادة الثقة بالبيت الأبيض، بعد الفضائح التي حدثت في عهد سلفه، كما يحسب له أنه من المؤيّدين لإلغاء العنصرية، ومع كل ذلك، فإن المؤرِّخين والاستطلاعات الشعبية تصنّفه في آخر قائمة الوسط، أي قريباً من قائمة أسوأ الرؤساء، رغم أن مسيرته توحي بغير ذلك!