«الجزيرة» - سالم اليامي:
رسمت رؤية المملكة 2030 ملامح المستقبل، عبر برامج نوعية وخطط طموحة كانت ملهمة في جوهرها وفريدة في أثرها وتأثيرها، إذ جعلت من التحول الاقتصادي المرتكز على الصناعة وجلب التقنيات والابتكارات الحديثة وتوطينها وخلق قيمة مضافة للاقتصاد هدفا استراتيجيا وغاية قصوى. ونحن اليوم بصدد مشروع ابتكاري رائد يسير ضمن هذه الاستراتيجية ويدعم هذا المسار، فالمشروع الذي تبنته شركة «إضافات» وشركة «بوني بايو» الدنماركية يشكل منعطفا تاريخيا في مسيرة المشاريع النوعية وذات الإضافة الاقتصادية التي تقع ضمن مسار الاستثمار الأجنبي، حيث تقوم فكرة المشروع على تحويل غاز الميثان إلى غذاء للحيوانات البحرية والأسماك دون الحاجة إلى استنزاف الموارد المائية أو استغلال المساحات الشاسعة من الأراضي في الزراعة. وقد وقعت الهيئة العامة للاستثمار مذكرة تفاهم مع الشركتين لبناء منشأة إنتاج البايو بروتين في المملكة بتكلفة 200 مليون دولار. وفي حديثه لـ»الجزيرة» تناول الدكتور ناصر بن كدسه الرئيس التنفيذي لشركة «إضافات» فكرة المشروع والمراحل التي مرت بها وأبرز المنافع التي سيعود بها على الاقتصاد وعلى الثروة البحرية والسمكية في المملكة، مبينا أن رؤية المملكة 2030 أزالت عراقيل كثيرة كانت تحول في السابق دون استقطاب وجلب المشاريع الأجنبية الرائدة، ومع الرؤية بدا الأمر مبهرا، مشيدا بهذا التحول الذي نشهده في التخطيط ووضع الأهداف المستقبلية في ضوء برامج الرؤية الطموحة. وفي البداية قال الدكتور بن كدسه إن تأسيس شركة «إضافات» جاء تماشيا مع رؤية 2030 لدعم الصناعة وتوطين التقنية عام 2017م، وكنا نسعى إلى نقل التقنية الصناعية وإنشاء شراكات صناعية مع رجال أعمال سعوديين، وأيضا إنشاء شراكات صناعية مع رجال أعمال أجانب، مؤكدا حرص الشركة على الصناعات النوعية التي تعتمد على التقنية. وتحدث الدكتور بن كدسه عن المشروع الأول لشركة إضافات مع شركة «يوني بايو» الذي استغرق العمل فيه سنتين، وشركة يوني بايو» هي شركة دنماركية بدأت تطوير غاز الميثان وتحويله إلى بروتين حيواني منذ عام 2004 م وللتو دخل مرحلة الإنتاج التجاري، والمشروع الذي نحن بصدده والذي تقوم فكرته على إنتاج البروتين لتغذية الأسماك والحيوانات البحرية وخاصة حيوانات المزرعة، والفكرة في مجملها تقوم على تحويل غاز الميثان إلى بروتين واستعماله كغذاء للحيوان، وبالتالي تضمن عدم هدر المياه وكذلكالاستغناء عن الأراضي الزراعية، هذا بالإضافة إلى أن مستوى الجودة يكون أعلى من منتج البروتين المستخدم حاليا، و يعتبر هذا المشروع هو الثالث لشركة يوني بايو، أما المشروع الأول فقد بدأ الإنتاج فيه في روسيا. وأضاف الرئيس التنفيذي لشركة «إضافات»: الأمر الآخر المهم الذي جعلنا نستغرق سنتين لجلب هذا المشروع إلى المملكة، هو أن شركة «يوني بايو» كانت ستتجه إلى قطر، لأن منتج البروتين كما أسلفت يعتمد على غاز الميثان بشكل أساسي، وبالتالي فإن الشركة الدنماركية كانت تبحث عن مورد طبيعي للغاز، ولكن وبتوفيق من الله تمكنت شركة «إضافات» من جلب «يوني بايو» للاستثمار في المملكة وتوظيف هذه التقنية في بلادنا، حيث استغرق الأمر للتفاوض حوالي سنتين كما ذكرت. وأرجع الفضل لرؤية 2030 التي أتاحت فرصة الحصول على الغاز لأي مشروع على عكس ما كان عليه الحال في السابق.لصعوبة التوزيع. ولفت الدكتور ناصر بن كدسه إلى أنه وبحكم تخصصه العلمي لدرجة الدكتوراه في مجال الاستثمار الأجنبي في المملكة وكذلك بحكم عمله السابق في صندوق التنمية الصناعي على مدى 9 سنوات، يدرك جليا حجم الصعوبات التي كانت تعيق جلب أي مشروع أجنبي إلى المملكة، مبينا أنه بعد إطلاق رؤية المملكة 2030 أخذ مفهوم الاستثمار الأجنبي بعدا آخر مبهرا، على المستوى التنظيمي والإداري والإجرائي وكل ما له علاقة بأهداف واستراتيجيات العمل الخاصة بالاستثمار الأجنبي. وتحدث الدكتور ناصر بن كدسه عن الاتفاقية التي وقعتها الهيئة العامة للاستثمار مع شركة «إضافات» وشركة «يوني بايو»، فقال: إن حرص واهتمام الهيئة بهذا المشروع وإصرارها على توقيع الاتفاقية بين جميع الأطراف كان له صداه على مستوى الشركة الدنماركية، وكذلك الأوساط الاقتصادية والسفارات الدنماركية على مستوى العالم، وتناولته كذلك الصحافة الدنماركية.
ولفت الدكتور ناصر بن كدسه إلى أن الاتفاق مع «يوني بايو» كان على أن يكون الإنتاج من مادة البروتين الحيواني 25 ألف طن، وكان تأكيد الشركة بأن لديها مذكرات تفاهم مع مشترين للمنتج من دول شرق آسيا قبل إنتاجه، وبعد عرض المشروع على الهيئة العامة للاستثمار لقي تشجيعا وقبولا منقطع النظير، ومعلوم بأن الهيئة العامة للاستثمار أصبح لديها قطاعات منها ما هو مختص بالأغذية او بالصناعات البتروكيميائية، أو الرياضة أو الصحة أو الطاقة، ما عزز جانب التركيز في القطاعات المختلفة. وبالتالي تبنت هيئة الاستثمار الفكرة واتجهنا بعدها إلى وزارة الصناعة بحكم حاجة المشروع الى الغاز وحصلنا على موافقتها المبدئية بخصوص كمية الغاز التي يحتاجها المشروع، بعدها انتقلنا إلى شركة «معادن» ولاسيما أن المشروع يحتاج إلى مادة الفوسفات و بعض المواد الكيميائية الأخرى، ولكن تظل الإشكالية في توفير الغاز لأن بقية المواد يمكن توفيرها. وفي هذا السياق أكد الدكتور ناصر بن كدسه أنه بمجرد عرض المشروع على وزارة الزراعة طلبت رفع الإنتاج من 25 ألف طن إلى 50 ألف طن كمرحلة أولى، خصوصا أن لديها توجه لتزويد مشروعات ضخمة للاستزراع السمكي في البحر الأحمر ضمن برامج الوزارة ومستهدفاتها لرؤية المملكة 2030، مبينا أن إدارة الثروة السمكية في الوزارة تبنت فكرة المشروع، وأصبحت متابعة لكل التفاصيل بما فيها مرافقتنا للتنسيق مع كافة الجهات والوزارات التي ننسق معها. وتناول الدكتور بن كدسه طبيعة الشراكة التي ستجمع بين «إضافات» و «يوني بايو» في المشروع فقال إن «إضافات» شريك تطويري وليس استثماريا حيث يعتمد دورها على جلب الاستثمار وتهيئة البيئة التي يعمل فيها المستثمر في حين أن «يوني بايو» هي مالك التقنية والمستثمر الأجنبي الصناعي. وأشاد الدكتور ناصر بن كدسه بالدعم والتشجيع الذي لقيه المشروع من جميع الجهات المعنية ومنها «ندلب» و»نساند» وصندوق التنمية الصناعية، لافتا إلى أن فكرة المشروع الابتكارية والنتائج الاقتصادية المذهلة المترتبة عليه، حفزت كافة الجهات على تبنيه إيمانا بمردوده وقيمته الصناعية والاقتصادية، في ظل الاستراتيجيات والأهداف الطموحة التي وضعتها رؤية المملكة 2030، مستدركا بأن التوجه العام بعد زيارتهم للشركة للهيئة الملكية كان يدور حول المكان الأنسب لبناء المشروع سواء في رأس الخير أو الجبل أو ينبع ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية، فكانت وجهة نظر الهيئة أن الأفضل إما ينبع أو الجبيل، وبما أن مشروع المزارع السمكية موجود في الساحل الغربي فالأفضل أن يكون في ينبع بالنظر إلى السوق المحلي للأسماك وكذلك بالنظر إلى تكلفة التوسع المستقبلي. وقال الدكتور بن كدسه: نحن نتفاوض الآن مع شركة «يوني بايو» ليكون المشروع حصريا للمنطقة وبالتالي لا يذهبون إلى دول أخرى على الضفة الأخرى للخليج.