طوكيو - عوض مانع القحطاني:
أكد سعادة السفير تاكاهاشي كاتسو هيكو مدير عام مكتب شئون الشرق الأوسط والشئون الإفريقية بوزارة الخارجية اليابانية في حوار مع «الجزيرة» أن المملكة شريك قوي وإستراتيجي لليابان وأن علاقات البلدين في أحسن حالاتها.
وقال السفير تاكاهاشي: إن ما حصل للمنشآت النفطية زعزعة الأمن والاستقرار.. ولأن هذا الفعل كان يراد منه إحداث ضربة لإنتاج الاقتصاد في العالم ليس لليابان وإنما لكل أنحاء العالم.
وأضاف قائلاً: إن الحكومة اليابانية والشعب الياباني مع المملكة العربية السعودية، هذا البلد الصديق الذي له علاقة قديمة وتاريخية مع اليابان؛ ولذلك حكومة اليابان تدين وتشجب هذا الهجوم وهذه الأفعال لأنها ضد مصالح البشرية. وبيّن السفير تاكاهاشي أن العالم واليابان بوجه خاص يقدران ما قامت به المملكة العربية السعودية من إجراءات عاجلة لإعادة إنتاج النفط بشكل سريع دون أن يتأثر العالم وهذه خطوة تقدر للمملكة.
وأشار إلى أن اليابان والمملكة خلال السنوات الماضية استطاعا تطوير علاقات البلدين في شتى المجالات، حيث أصبحت العلاقات الدبلوماسية في أفضل حالاتها منذ عام 1955م، وقفزت هذه العلاقات إلى الأمام بشكل كبير.. وكذلك هناك علاقة وصداقة بين أسرة الإمبراطور الياباني والأسرة الحاكمة في المملكة.. حيث أن الإمبراطور الحالي لليابان قد زار السعودية خمس مرات عندما كان وليّاً للعهد.. وهذا يدل على محبة الأسرة الإمبراطورية والمملكة وشعبها، كما أن الاحتفالية التي ستقام في اليابان بمناسبة توريث العهد سوف تقام يوم 22 أكتوبر من هذا الشهر، وسوف تحضر لها المملكة.. كما أن الإمبراطور قد زار المملكة عند وفاة الملك عبدالله -رحمه الله- وقدم تعازيه، وكذلك زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان إلى اليابان وسمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وتوقيع العديد من الاتفاقيات وكذلك زيارات متبادلة بين كبار الشخصيات في المملكة واليابان.. وهذا يدل على عمق العلاقات والمحبة والشراكة القوية والدبلوماسية المتزنة.
وأضاف: إنه عندما أعلن الملك سلمان موافقته على الرؤية التي طرحها ولي العهد السعودي، كانت أيضاً فاتحة خير على المملكة واليابان فقد تم هناك عمل إطار ما يسمى «رؤية 2030» ما بين اليابان والسعودية لتوسيع نطاق التعاون بالإضافة إلى مجالات النفط والمشروعات الأخرى من أجل تحقيق رؤية المملكة والتي تتوقع لها نجاحاً يخدم أجيال المملكة القادم.. مشيراً إلى أن اليابان تسعى إلى تعزيز مجالاتها الاقتصادية والصناعية والثقافية والتنمية البشرية والصحية في المملكة العربية السعودية.
وحول سؤال عن زيارة ولي العهد السعودي ومشاركته في احتفالية ملك اليابان قال السفير بوزارة الخارجية اليابانية نحن نرحب بسمو ولي العهد للمشاركة وزيارة اليابان بمناسبة توريث العرش للإمبراطور واليابان سوف تستقبل عدة قادة وضيوف من أنحاء العالم.. وسيكون الوقت محدداً لإجراء مباحثات ثنائية مع سمو الأمير محمد بن سلمان: وهناك جلسة على مستوى وزاري فيما يتعلق برؤية 2030 اليابانية السعودية وسوف تدرس تفاصيل هذه الرؤيا بين البلدين.
وحول حجم التبادل التجاري بين البلدين أوضح بأنه في عام 2018 كان حجم الاستيراد من المملكة إلى اليابان من النفط والمشتقات بلغت 3 ترليونات 732 مليار ين ياباني، وحجم الاستيراد من اليابان إلى المملكة بلغ 54 مليار ين من السيارات والمعدات وعقود وسائل النقل وغيرها.
كما أوضح السفير بأن عدد الطلاب السعوديين الذين يدرسون في اليابان بلغ أكثر من 500 طالب وطالبة في شتى التخصصات موضحاً بأن اليابان ترحب بالطلاب السعوديين في جامعاتها المختلفة.
وحول الاستثمار في المملكة من قبل الشركات اليابانية كشف عن أن هناك ما يقارب من 60 مشروعاً للشركات اليابانية في المملكة، حيث أكد أن هناك مباحثات بين البلدين لعمل القطاع الخاص الياباني في المملكة من خلال إنشاء مصانع متعددة ذات جودة عالية ونحن نرغب في ذلك ولدينا استعداد لأن المملكة بلد مستقر، وفرص الاستثمار فيه جيدة خاصة في مجال تحلية المياه البحرية والترفيهية والصحة والتدريب.
وحول سؤال هل أثرت أحداث بقيق وخريص على الاقتصاد الياباني.. قال مثلما قلت سابقاً السعودية عالجت الأمور بسرعة وحكمة ولم تدع هذه الحادثة تؤثر على العالم ومنها اليابان، وقد طمأنت السعودية العالم وجنبتهم كثيراً من الخسائر الاقتصادية لذلك لم تتأثر الشركات والاقتصاد بهذا الحادث الأليم والخبيث.
وحول سؤال عن حماية الملاحة البحرية والصادرات في المياه الدولية أكد السفير تاكاهاشي بأن اليابان تعتمد على 80 % من نفط الشرق الأوسط وهذا بطبيعة الحال يتطلب حماية دولية وأن وجود حماية في المضيقات أمر مهم جداً لتدفق الاقتصاد للعالم ونحن نرفض أي تهديد للملاحة واليابان تسعى لحل هذه الخلافات بين إيران والدول ذات العلاقة من خلال الحل السياسي والدبلوماسي وأبعاد الاقتصاد العالمي عن أيّ مضايقات أو تهديد يمس طرق الملاحة الدولية؛ والحوار هو السبيل الناجح.. واليابان حريصة على استقرار المنطقة وانسيابية ناقلات النفط دون أيّ عوائق أو تهديد.
وأكد أن اليابان تتابع الأوضاع في الطرق ونتابع ما يجري ويؤسفنا ما يحدث داخل العراق ونحن نتطلع من الحكومة العراقية إلى حل هذه المشاكل وإعطاء أهمية لحماية المواطن واستعادة الدولة لتكن قوية ونحن نثق في القيادات العراقية بأنها سوف تعالج الأوضاع ولتتطلع إلى استقرار الطرق ورفع مستوى الخدمات العامة ومعالجة البطالة ودولة العراق مليئة بالكفاءات التي نتوقع أن تخدم وطنها ومواطنيها لأن العراق بلد علم وثقافة وحضارة، كما أن الأوضاع في الدول العربية يتطلب معالجة الأمور بالحكمة والعيش بسلام بعيداً عن السلاح والعنف واليابان تساند كل عمل يخدم الاستقرار في المنطقة.
وحول سؤال عن أن إيران هي المتسببة بهذه المشاكل ولها تأثيرها بما يحصل في المنطقة العربية رد قائلاً: كل الشعوب تريد أن تعيش بسلام بما فيها الشعب الإيراني لكل طرف من الأطراف في المنطقة مخاوفه وعلى سبيل المثال أنشطة حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق هذه عوامل تهديد وعدم استقرار في هذه البلدان لها تأثرها على دول المنطقة.
وعن المفاعل النووي الإيراني وهل نجحت الوساطة اليابانية أجاب قائلاً: لا يجب على إيران أن تمتلك أسلحة نووية رئيس الوزراء الياباني زار إيران والتقى بالمرشد علي خميني وأطلعه على هواجس الدول وخاصة دول المنطقة وقالوا إن إيران لا تمتلك أسلحة نووية ولن تصنع مثل هذه الأسلحة.
وقال: إن اليابان لم تلعب دور الوساطة ولكنها تبذل تقريب وجهات النظر بين إيران والمجتمع الدولي ودول المنطقة ونحن لا تقول: إننا نجحنا أو خسرنا ولم تنته حتى الآن هذه لمساعي لدينا أمل أن نلعب دور في الحوار الدبلوماسي لأننا قادرون على الوصول لكل القيادات ذات العلاقة.
وحول موقف اليابان من القضية اليمنية وضح تاكاهاشي نحن نشعر بالقلق من الأوضاع في اليمن خاصة الوضع الإنساني ونحن نقدم مساعدات عبر المنظمات الدولية، ونحن ندعم ونساند المبعوث الدولي لليمين وندعم الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس هادي ونتطلع لإنهاء هذه الأزمة، وإيجاد حلٍّ لإنهاء هذه الأزمة واستقرار اليمن.
وحول سؤال عن إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار من قبل الحوثيين على المطارات والمنشآت المدنية، وأنت كنت في مطار جازان شاهد على ذلك، ما هو موقفكم من ذلك رد قائلاً: اليابان تستنكر مثل هذه الهجمات على المطارات والمنشآت المدنية والأحياء ونحن نشجب مثل هذه الأعمال من أيّ طرف كان.
وحول سؤال هل هناك توجه لتوطين التقنية وإنشاء مشروعات صناعية في المملكة قال: بالتأكيد هذه هو المجال الذي نتباحث مع السعودية عليه من قبل المسؤولين في السعودية واليابان وكيفية المنهج الذي سنعمل عليه وبالفعل هناك مصانع حالياً في الدمام وتم توظيف كوادر سعودية تعمل في هذه المصانع ومصنع آخر في الرياض لصناعة حفائظ الـ(بمبرز) للأطفال يعملن فيه نساء.. وفي مدينة جدة تم إنشاء ورش لصيانة السيارات يتدرب فيها الشباب وتم تخريج أعداد كبيرة من الشباب لإصلاح السيارات اليابانية، وأصبحوا منتشرين في مناطق المملكة، وهناك توقعات أكبر لنقل التقنية اليابانية وإنشاء مصانع.
مسؤولون في وزارة الخارجية
وقد أكد عدد من المسؤولين في وزارة الخارجية خلال لقاءاتهم بأن اليابان تربطها علاقات قوية مع المملكة العربية السعودية من خلال مشروعات كبيرة وحيوية مهمة للبلدين، وقالوا إن ما تعرضت له المنشآت النفطية في المملكة يعتبر عملاً خسيساً ولا يجب أن يقع نظراً لأن هذه المنشآت الحيوية ليس ضررها على المملكة، بل على العالم كله، واليابان ترفض التصعيد في الشرق الأوسط لأن 80 % من الطاقة العالمية تأتي من هذه البلدان.
وأضافوا: إن ما يقلق اليابان هو السلاح النووي ويجب على المجتمع الدولي إيقاف مثل هذه الأنواع من الأسلحة التي تهدد العالم، وقالوا بأن علاقات اليابان مع الصين وكوريا الجنوبية شهدت في الآونة الأخيرة تقدماً ملحوظاً وأن الزيارات المتبادلة سواء لرجال الأعمال أو زيارات من أجل السياحة زادت ما يقارب من 11 مليوناً وهذا شيء جيد، ولكن من المهم حسن النوايا واحترام حقوق الآخرين واليابان بدورها تسعى لحل أيّ خلافات تعيق العمل مع دول الجوار، وتؤكد سعيها لسلامة أراضيها لأن الاستقرار في آسيا العلاقات المبنية على الاحترام والنوايا الحسنة بين الجيران سوف يكتب لها النجاح وهذا ما تسعى إليه اليابان من خلال لقاءات رئيس الوزراء مع عدد من القيادات في الصين وكوريا الجنوبية، وبما يعود بالفائدة على الشعوب بالخير والنفع.. مؤكداً بأن دور اليابان في المنطقة مهم للاستقرار وتريد اليابان تجاوز كل الخلافات وحفظ سيادة كل دولة.
وأكدوا بأن اليابان تسعى إلى توسيع المشروعات مع المملكة ودول الخليج وتوطين التقنية التي تعود بالفائدة على البشرية، وأكدوا أن اليابان قدمت تعويضات لكوريا الجنوبية عن ضحايا الحرب العالمية الثانية تقدر بـ500 مليون دولار من باب عدم النظر إلى الماضي والأخذ بما هو حالياً يفيد البلدين الجارين. وأكدوا بأننا مع المملكة ودول الخليج في حماية أمنها والنفط من أيّ تهديدات تمس هذه الطاقة التي سوف يتأثر بها العالم في حالة استهدافها.. مشيرين إلى أن أيّ اعتداء على سيادة الدول بالقوة أو التهديد ترفضه اليابان، ويجب أن تكون الحلول بالطرق الدبلوماسية والتفاهمات، وأثنوا على قرار السعودية بفتح الفيزة الإلكترونية والسماح لـ49 دولة بما فيها اليابان لزيارة تاريخ وحضارة المملكة، وقالوا سوف يرى العالم المملكة بعيونهم بدلاً من المشاهدات، وهذا القرار يعزز الروابط بين اليابان والمملكة من حيث تطوير السياحة خاصة وأن الشعب الياباني يجب الاطلاع على حضارة الآخرين، وكان آخرها عندما كانت اليابان ضيف شرف للمهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية وكان هناك انطباع جيد عن هذه المشاركة.
كبير الصحفيين في صحيفة يابانية
وقال كبير الصحفيين والمحررين في صحيفة نيكائي السيد هيرونومي ما تسؤو: إن استهداف وضرب المنشآت النفطية في بقيق وخريص كاد أن يؤدي إلى حالة من الذعر الشديد في العالم، ولكن السعودية استطاعت معالجة الأمور بسرعة فائقة وعالجت الأمور بحكمة خاصة إلى أن اليابان يستورد ما يقارب من 47 % من المشتقات من السعودية، وكان خبر ضرب هذه المنشآت صادماً جداً.. وأكد بأن الشركات اليابانية والاقتصاد الياباني يتابعان هذه الأحداث بشكلٍّ ساعات وليس بأيام.
وقال: إن السعودية من أهم الدول التي تزود اليابان بالطاقة وهي مصدر قوة للاقتصاد الياباني، وأكد بأن السعودية لديها اقتصاد ومشروعات قوية في رؤيتها.. مؤكداً أن اليابان أخذت ما يقارب من 60 مشروعاً في إطار زيارة ولي العهد إلى اليابان.
مدير مركز الأبحاث والطاقة في الشرق الأوسط
من جانبه قال مدير مركز الأبحاث والطاقة في الشرق الأوسط السيد كوشارد أنكو بأن الهجوم على الطاقة في السعودية كان صادماً للعالم، وعلى الأسواق العالمية ولكن السعودية استطاعت معالجة الأمور وأبقت الطاقة على سعرها، نحن في اليابان نعتمد على نفط المملكة بما يعادل 43 % بمعنى نستهلك يوميًا أكثر من مليون و500 ألف برميل وتطر إلى ما يقوم به المعهد من دراسات وأبحاث تتعلق بالأحداث في الشرق الأوسط بالإضافة إلى أوضاع الطاقة مؤكداً بأن هناك تعاون مع المملكة في هذا الجانب للاستفادة من الدراسات التي يقوم بها المركز.
مدير عام التعاون الدولي.. السلمي
وقال مدير عام التعاون الدولي السلمي الأستاذ قوميو أيوني بأن اليابان يشارك مع المنظمات الدولية في حفظ الأمن والسلم في العالم وخاصة في إفريقيا، وأن اليابان تقوم بمشروعات هندسية في مجال فتح الطرق ونصب الخيام لخبرتها الواسعة خاصة في المناطق المنكوبة وأن هناك 14 عملية تشرف عليها اليابان لحفظ السلام وتحت إدارة عمليات السلام.. وقال: إن هناك تحديات ومصاعب تواجه العالم بسبب كثرة الحروب والنزعات وأن اليابان تساهم بفعالية للحدّ من هذه النزاعات وحفظ الأمن وفق إمكاناتها ووفق عمل الأمم المتحدة.. وقال: إن الحلول السلمية في النزاعات أمر مطلوب ومحمود حتى نتجنب الصراعات والحروب في العالم.