ولد في الرياض قبل أربعة أعوام فقط ولكنه يحبها جداً وكأن عمره أطول من أقدم ساكنيها. ترعرع في بيت عائلة نجدية كريمة كانت له الأهل رغم أنه لم يكن منهم، لعب مع أطفالهم تشارك الألعاب والطعام وحتى النوم بينهم وتحدث بلغتهم ولهجتهم وكأن جذوره تعود لسدير.!
(اشو) الصغير السريلانكي ابن العاملة المنزلية الذي عاشت أمه في بيت صديقتي سبع سنوات والتحق بها زوجها عام 2011 ليولد اشو في يونيو 2015.
(كأنه وليدي) كتبتها صديقتي وأنا أعلق على يوميات هذا الصغير التي كنت أتابعها من خلال السناب شات. في يوم أخبرتني أنهم سيغادرون.
أم اشو حامل وهو لا بد أن يلتحق بالمدرسة، شعرت بغصة وسألتها كيف سيتحمل هذا الصغير مرارة الفراق لتجيب (الله يصبر قلبي أنا).
في أحد يومياته قالت له صديقتي: ستسافر إلى سريلانكا وما راح ترجع.
قال: لا أركب طيارة وأجي.!
كانت نظرة التعجب في عينيه الواسعتين تكفي عن رده، كيف لكم أن تحرموني من بيتي.؟ بعد سفر اشو وتوديعه مع عائلته في المطار جاءت صديقتي مسرعة للقاء كان قد رتب له مع مجموعة مع الزميلات جلست أمامي ولكن كلما التقت عيني بعينها أبعدت النظر سريعاً عنها لأنني أعرف أن هناك بركانا من الدموع الخامدة تحت عينها الجميلة التي كانت ستفيض لولا وجود سيدة لطيفة ذات طرفة أغلقت منافذ الحزن بشكل مؤقت.
الانتماء للمكان والأشخاص وحتى للزمن لا يحتاج شهادة عبور أو أوراق إقامة وبصمة وراثية، هو إحساس يلتصق بك بمجرد أن تطأ قدمك أرضاً وجدت لتكون لك السند. هو الانتماء للفضاء الذي أطلقت فيه صرختك الأولى قادماً إلى الدنيا وأنت تعرف هذا المكان الذي رسم في ذاكرتك الأولى.
العلاقات المبنية على المصالح المشتركة لن تفسد أبداً ما دام أساسها الاحترام والرحمة والصدق والوضوح.
الانتماء للمكان تلغيه كل التصنيفات والأعراق. كل شيء ممكن في هذه الحياة وكل حدث يمر فيها يعلمنا الكثير.
(صغير سينسى) يرددها الكثير ولكن أعمق وأصدق شعور هو ما سكن قلوبنا منذ طفولتنا.
** **
- بدرية الشمري