د.عبدالعزيز الجار الله
لبنان قدَّم نماذجًا عدة للتعبير عن امتعاضه من الساسة الحاليين، البعض خرج إلى الساحات ليعبِّر عن انتفاضته وغضبه بالدبكة اللبنانية، كما هي في دول العالم التعبير بالبقاء في الساحات والطرقات بالهتافات ورفع الشعارات والمسيرات، فقد اختار البعض منهم الدبكة والغناء والأناشيد الوطنية للتعبير عن ثورتهم لأنهم لا يريدون الحرب الأهلية وذكراها ومرارتها ورائحة الموت والقتلى، والحرب الطائفية وحرب الأحزاب والحرب المذهبية، لذا عبَّروا بأكثر من طريقة سلمية، الإعتصام في الشوارع والوقوف بالميادين عارية أيديهم من السلاح.
أما لماذا لم تأخذ مظاهرات لبنان حتى الآن شكل العنف وحمل السلاح، وهذا ليس تبريرًا لكنه ملاحظة، فلأن هؤلاء من المتظاهرين ينتمون إلى ثلاثة أجيال أو عقود عمرية:
الأول: ممن هم في الساحات والطرقات هم من الجيل الذي عاش حرب ودمار لبنان في الحرب الأهلية بين الأعوام 1975 وحتى 1990م حوالي 16 سنة حتى توقفت الحرب بعد اتفاق الطائف 1998م، خرجوا من رماد الحرب، نشاهدهم بالساحات آباء وأمهات وقد تسلل الشيب إلى الوجوه وخصلات الشعر وبانت ملامح كبر السن وحزن و(افاريز) وحزوز الزمن.
الثاني: جيل وُلد في الملاجئ والمخيمات والتشرد والتهجير وأقبية المنازل ومدارس الإيواء وأخاديد الأنفاق إبان الحرب الأهلية 1975 - 1990م، عاش في طفولته في بؤس وشقاء وتشرد.
الثالث: جيل المدارس والثانويات جيل العقد الأول وما تلاه، عاش في زمن الانهيار الاقتصادي والفساد المالي، والخذلان السياسي، والجوع وانقطاعات الكهرباء والماء والبطالة ونفايات الشوارع، أي جيل خرج على الدنيا محبطًا وحكومات فاسدة.
هذه الأجيال اتفقت على نبذ الطائفية والمذهبية والإدارة السياسية الحالية، وتطالب بحكومة تعمل من لبنان الوطن لا تدار عن بُعد، وتحارب بالوكالة وتنفذ أجندة دول مثل أيران وسورية وأحزاب وميليشيات غارقة في الحروب، ومتورطة في قضايا فساد وغسل أموال وتهريب سلاح ومخدرات.