يوسف المحيميد
تحدثت وسائل إعلام غربية عن ناشطة سويدية مراهقة تُدعى ثونبرج، تدعو إلى اتخاذ إجراءات مناخية عاجلة، اكتسبت شعبية تختلف عن مشاهير ناشدوا بشأن التغير المناخي، مثل ليوناردو دي كابريو أو نيل يونج أو جين فوندا، وغيرهم، فهي نذرت نفسها ووقتها لهذا الدور، وهو أمر يجب التوقف طويلًا أمامه، ومعرفة كل أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فمن ينظر إلى الأمر من جانب مثالي فقط، عليه التوقف عن ذلك، واتخاذ رؤية واسعة تجاه الأمر، الذي لا يخفى على المهتمين، والعاملين في صناعة البترول، أبعاده السياسية والاقتصادية.
فهذه المراهقة التي جاءت من السويد، إلى كندا، تحديدًا إلى مقاطعة ألبرتا، وحشدت آلاف المراهقين، لتلقي عليهم خطبة شبابية حول تغير المناخ، علق عليها رئيس الوزراء جيسون كيني، بأنه سيكون سعيدًا بمشاركة المعلومات حول صناعة النفط والغاز في المقاطعة مع أي شخص يسأل، منتقدًا نشطاء البيئة هذا الأسبوع الذين يجادلون، ويطالبون بإغلاق «الاقتصاد الصناعي الحديث» على الفور، متجاهلين الآثار الاقتصادية والاجتماعية على مثل هذه القرارات، وفي الوقت نفسه، غير مدركين تطورات التقنية المتسرعة في الحد من الانبعاثات، مما يجعل صناعة النفط والغاز أقل ضررًا على المناخ من كوارث طبيعية أخرى، كحريق الغابات، وإزالتها بفعل البشر، فهناك نحو 11 بالمائة من جميع انبعاثات غازات الدفيئة العالمية التي تسببها البشر هي بسبب إزالة الغابات، وهي تماثل انبعاثات جميع السيارات والشاحنات على هذا الكوكب.
والغريب أن الغابات الاستوائية وحدها قادرة على تخزين الكربون بشكل مذهل، وتوفير ما لا يقل عن 30 % من الإجراءات اللازمة لمنع أسوأ سيناريوهات تغير المناخ؛ ومع ذلك، فإن الحلول القائمة على الطبيعة لا تتلقى سوى 2 % فقط من إجمالي تمويل المناخ، مما يشير بوضوح إلى الأبعاد السياسية والاقتصادية لحكاية التغير المناخي، والملابسات التي أحاطت توقيع ما يقارب 195 دولة على اتفاقية باريس لعام 2015، التي وافقت على الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري والتكيف مع تغير المناخ.
فلو انصرفت هذه الاتفاقية عن التركيز على الانبعاثات، والركض وراء تعطيل الاقتصادات، إلى حلول المناخ الطبيعي مثل إنهاء إزالة الغابات، واستعادة الغابات المتدهورة، لوفرت نحو 80 مليون وظيفة على المستوى العالمي، وأنقذت مليار شخص من الفقر، وأضافت نحو 2.3 تريليون دولار من النمو الإنتاجي.
من هنا، فإن حكاية التغير المناخي، وكثير ممن يروجون لها، جاؤوا من منطلقات اقتصادية بحتة، وليس من حس بيئي، أو رغبة صادقة بالحفاظ على البيئة.