عبدالوهاب الفايز
اللقاء الذي رتبته وزارة الطاقة للإعلان عن مشروع (صناعة العدادات الكهربائية الذكية محليا وتوطين تقنياتها) الأحد الماضي، بحضور سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبد العزيز وزير الطاقة، وقيادات المنظومة، والذي شهد توقيع اتفاقية بين 5 جهات حكومية لهذا الغرض، ذكرني بالمشروع الوطني الكبير الذي انطلق في العام 2007م ، بعد صدمة ارتفاع معدلات استهلاك الكهرباء التي ترتب عليها ارتفاع الطلب المحلي على النفط إلى مستويات قياسية إلى أكثر من مليوني برميل مكافئ - كما قيل آنذاك - وكانت تلك معدلات استهلاك خطيرة، وقُدر أن استمرارها لمدة عشر سنوات أو أكثر، بدون تدخل جذري وكبير وحصيف لتعديل أوضاع استهلاك الطاقة، سوف يؤدي في النهاية إلى استهلاك معظم إنتاج البترول محليا، ولن نجد ما نصدره!
أتذكر مدى الصدمة التي أحدثها خروج هذه الحقيقة من وزارة البترول والثروة المعدنية (في حينه)، وتساءل الناس: كيف وصلنا إلى هذا الوضع، من أوصلنا إليه، أين أصحاب القرار في الحكومة؟!
هذه كانت بعض ملامح مرحلة عادت إلى هواجسها وذكرياتها وأحلامها وأنا أتأمل قيادات منظومة الطاقة في المملكة يلتفون حول الأمير عبد العزيز بن سلمان ليقدموا لنا نقلة تاريخية جديدة في خارطة الطريق لبرنامج (كفاءة) عبر شرح مفصل قاد دفته الأمير الوزير، والذي بدأ بكلمة صريحة وشفافة عن المشروع، ثم نقل الحديث لكل مسؤول بحسب اختصاصه، فقد شاركت كل من: وزارة الطاقة، هيئة المواصفات والمقاييس، وهيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، وهيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج، والشركة السعودية للكهرباء. وتداخل سموه في أكثر من مرة لتوضيح بعد التفاصيل بدقة متناهية كما هي عادته.
المشروع الجديد في البرنامج هو: إدخال عدادات الكهرباء الذكية في المملكة. هذه النقلة سوف يترتب عليها تطورات إيجابية كبيرة، تستفيد منها المنظومة، ويستفيد منها برنامج المحتوى المحلي، والأهم: استفادة المواطن/ المشترك، وهذا ما وقف عنده سمو وزير الطاقة طويلا أثناء اللقاء.
(إنها العدالة، الكفاءة، والمصداقية. هذا ما يهمني التأكيد عليه في المشروع الجديد)، هكذا قال الأمير الوزير في بضعة كلمات، ولكنها تعني الكثير والمهم والأساس لولي الأمر، فميزان العدل هو منطلق الحكم وهدفه وغايته. الصدق مع النفس دائما رائع، لذا حسم الأمير عبد العزيز موضوع الدقة في قراءة العدادات التي مازالت موضوعا مطروحا منتصرا للمبدأ عندما قال: (لا أحد يجزم أو يؤكد تحقق العدالة في الأوضاع القائمة للعدادات، هناك مشاكل فنية تقنية وأمور تشغيلية تحول دون الدقة والعدالة في الفاتورة). هذا الأمر سيكون محسوما بعد الوضع الجديد، لذا كان الأمر الضروري إيقاف نزف رصيد الثقة بين الناس وقطاع الكهرباء مهما كان الثمن.
والارتكاز إلى مبدأ العدالة هو الذي أدى إلى تخفيض عمر المشروع إلى سنتين بدل سبع سنوات، والهدف، كما يقول الأمير عبد العزيز، هو من أجل ضمان تعديل الأوضاع لكي يستفيد منها المستهلكون في جميع المناطق، فتنفيذ المشروع في سبع سنوات ستكون تكلفته أقل لكن سوف (يترتب على ذلك غياب معايير موضوعية عادلة) لتحديد الأولوية، للمناطق والمدن.