ياسر صالح البهيجان
عندما تتحالف مجموعة دول ذات مصالح كبرى متعارضة، فإن تحالفها محكوم بالهشاشة وقابل للانهيار بطريقة دراماتيكية متى ما انتهت المصالح الصغرى المتقاطعة والمرهونة بظرف سياسي مؤقت. عندها ينقلب التحالف الهش إلى حالة عداء مُعلنة قد تصل حد القطيعة السياسية وتوتر العلاقات الدبلوماسية في حال استثنينا إمكانية ارتفاع موجة التصعيد إلى حد شن ضربات عسكرية بين حلفاء الماضي أو على أقل تقدير استهداف أتباع كل دولة تحت ذرائع متعددة من أبرزها حماية الأمن القومي أو الدفاع عن المصالح الوطنية.
التحالف الثلاثي بين موسكو وطهران وأنقرة في الملف السوري يأتي في إطار ظرف سياسي استثنائي فرضته مصلحة الإبقاء على نظام الأسد في السلطة، كونه حليفًا لروسيا وإيران من جانب، وقامعًا للأكراد وفق اتفاقية ثنائية ترضي تركيا من جانب آخر، لكن خفوت وهج المعارضة السورية واستقرار الوضع لصالح الأسد كفيل بتأجيج الصراع بين الدول الثلاث التي سيسعى كل منها إلى نيل النصيب الأكبر من المكاسب السياسية والاقتصادية في المنطقة.
موسكو ترفض أي هيمنة إيرانية على الأراضي السورية، ولن يهدأ لها بال حتى تتخلص من الميليشيات المسلحة التابعة للولي الفقيه القابع في طهران، لتتمكن من استعادة سيطرتها على حليفها الأسد كجزء من إستراتيجيتها في فرض التواجد داخل منطقة الشرق الأوسط؛ لتمتلك أوراق ضغط سياسية تواجه بها العملاق الأمريكي في العديد من الملفات الساخنة بين البلدين.
في المقابل، النظام الإيراني يرى في دمشق بوابة رئيسية لإحكام قبضته على العراق ولبنان، لذلك لن يترك الساحة السورية للدب الروسي دون تصعيد للأزمة، التي قد تصل في المستقبل القريب إلى استهداف القوات الروسية في سيناريو مشابه لما فعله في بغداد بهدف فتح جبهة داخلية ضد حكومة بوتين تطالبه بالانسحاب من سوريا، رغم أن قوة الضغوط الداخلية وتأثيرها على السياسة الخارجية تختلف تمامًا ما بين موسكو وواشنطن.
أما أنقرة فإن لديها مطامع اقتصادية في الشمال السورية لوجود حقول النفط الكردية، لذلك ستسعى هي الأخرى إلى وضع يدها على جزء من الأراضي العربية، وهو الأمر الذي ترفضه بشدة موسكو وطهران.
الحلف الثلاثي ليس له أي مستقبل في ظل هذه التعارضات الرئيسية بين مصالح الدول، ما يفرض على المجتمع الدولي ممارسة دور أكبر للحفاظ على استقرار المنطقة، وضمان عدم جرها إلى تخوم حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل.