إبراهيم بن عبدالله السالم
نحن نعيش عصرا زاهرا في عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان وهذه الأيام تفخر الرياض بأيام الترفيه وبعناية من هيئة الترفيه.
والترفيه المستمر هو وادي حنيفة فعلى مدار العام يمارس فيه سكان الرياض شتى أنواع الترفيه من اللعب والعروض الرياضية والترفيهية والجلسات على ضفاف وادي حنيفة وروافده مثل وادي نمار، حيث يمتاز بأمور عدة منها السير على الأقدام وصيد الأسماك وألعاب للأطفال.
ولله در القائل: (إذا كانت مصرُ هبة النيل، فإن الرياض هبة وادي حنيفة..) هذا الوادي الذي له شأنٌ نابه، وذكر خالد في الشعر والتاريخ، فقد كان معلمًا تاريخيًا بشعابه ومغانيه وحضارته وعمرانه، وكان يسمى العرض كما قال الشاعر:
ولست أرى عيشاً يطيب مع النوى
ولكنه بالعرض كان يطيبُ
وقال آخر:
ولما هبطنا العرض قال سراتنا
علام إذا لم نحفظ العرض نزرع
والشعر ديوان فضائل العرب، وسجل مفاخرها، ووسيلة تخليد مآثرها وهو من أشرف الكلام عند العرب، كما قال ابن خلدون في مقدمته: (أعلم أن فن الشعر من أشرف الكلام عند العرب، ولذلك جعلوه ديوان علومهم وأخبارهم، وشاهد صوابهم وخطئهم، وأصلا يرجعون إليه في كثير من علومهم وحكمهم).
وها هو ذا شاعر وادي حنيفة المفوه أعشى قيس صنّاجة العرب) مسقط رأسه (منفوحة) وهي جزء لا يتجزأ من هذا الوادي، وله فيه شعر شائق ماتع يترنم به قائلا:
نخيلاً وزرعاً نابتاً وفصافصاً
ألم تر أن العرض أصبح بطنه
\ويستمر عبير الشعر والشعراء عبر التاريخ فاكهة شهية الأذواق، وريحانا عطر الانتشاق، في وجدان عشاق الآداب، وأكرم بأولئك العشاق.
ها هو ذا الشاعر الشعبي الكبير غازي راشد العصاي يلهمهم وادي حنيفة شعراً رائعاً يترنم بإنشاده قائلا:
يا اللي تبي حجر اليمامة دقايق
أهديك من قلبٍ صدوق حقايق
حقايق ما كحل الغش عينها
ولا قالها شخص مجامل ورايق
اشتاق أنا لوادي حنيفة وساكنه
الله يجيره من عدو وبايق
ويديم عزه للذي شاد عزه
وأقام به مجد رفيع وشايق
أفخر أنا باللي تكرم ضيوفها
اللي تميز عن جميع الخيايق
ياصل العرب وأصل الكرم والنخوه
ولا صرت من سلمى شقي وضايق
آل السعود اللي بهم سارت العرب
وتطبعت بطبوعهم والطرايق
أهداهم الخالق لذا الشعب رحمة
ما اقول قول ما لأصله وثايق
أفخر بأصلي يوم أصلي من أصلهم
عسى وطنهم ما تجيه العوايق
جميعهم بلغ سلامي عليهم
زاير وساكن في رياض الحدايق
وكذلك غدا وادي حنيفة الأصيل ملهما لشعراء العرضة السعودية، ومن بين هؤلاء الشاعر الأديب الكبير الأستاذ عبدالله بن خميس الذي يروق لي شعره عندما يقول:
حلفت باللي يا بلادي ما نبي بك بديل
لو كان دار يجتني الياقوت بسهالها
يا الله ياللي لاعطا مهوب مده قليل
طالبك يا منزل بلاها تلطف بحالها
عساك يا وادي حنيفة كل يوم تسيل
تحيي بلاد جدد الإسلام بقذالها
هذا.. وقد عرفت الرياض بهذا الاسم الجميل. وهو جميل (روضة) بسبب وادي حنيفة الذي قامت المدينة على ضفتيه منذ عهد قديم، فهو يمثل شريان الحياة لمنطقة الرياض والمدن والقرى والمزارع القائمة على ضفافه، ويتمتع بخصائص جغرافية وبيئة زراعية وتاريخية، ويزخر بكثير من المقومات الترويحية والتراثية، وأولت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض منذ نشأتها وبإشراف ومتابعة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- حين كان أميرا لمنطقة الرياض اهتمام كبير بوادي حنيفة وجعلت نصب عينيها تطوير هذا الوادي وإعادته - إلى سابق عهده، ليملأ بلادنا بجماله، ومياهه المنسابة، وخضرته المواجهة، لتكتمل اللوحة كما قال الشاعر:
إنَّ الرياض رياضٌ في نضارتها
كأنها لوحةٌ الفنان إتقانا
ولا غرابة أن تترى مفاخرها
إذا هي انتجعت للغوث سلمانا
فالوقت يمنحها سلمان أثمنه
والجهد يبذله سراً وإعلانا
وإنني أهيب بكل محبي هذا الوادي الأصيل أن يترجموا حبهم إلى عملٍ دؤوب، وذلك بالحفاظ على بيئته واحترام خصوصيته وطبيعته، واضعين نصب أعينهم أنه مصدر أساسي لما هو: أهم وأندر وأغنى من النفط والذهب، ألا وهو (الماء) قال تعالى: { وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ }.
كما أحيي كل من يبذل الجهود الجسام في الحفاظ على بيئة هذا الوادي الأخضر نقية نظيفة، للتحول - بإذن الله تعالى - إلى متنزهات رائعة الجمال تكون قرة عين سكان مدينة الرياض جميعا، مردداً معكم قول الشاعر في قصيدته الرائعة (الوادي الأخضر):
قصيدة عليها بصمة الوادي الأخضر
تقدم من الوادي لساير جماهيره
ومن شاعر الوادي بشعره وما عبر
مع أجمل تحياته وشكره وتقديره
إلى كل فنان أسعد الغير واتأثر
بلابل من الوادي شدت مع عصافيره
فمن حق وادينا بما قدمه يفخر
لانه تميز بالأصالة على غيره
ولا زال تحت العين والنور والمجهر
حديث الصحافة ما استقرت يناسيره
تحية من الوادي ومن شاعره تنشر
إلى كل من ساهم بجهد وتفكيره
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
** **
- رئيس اللجنة الوطنية للتعليم الأهلي والتدريب بمجلس الغرف السعودية سابقًا