إبراهيم بن سعد الماجد
مقتل أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش الإرهابي، وما هو أثره على هذا التنظيم الإرهابي؟ سؤال بكل تأكيد سيكون حاضراً في ذهنية المتابع للمشهد، خاصة من عامة الناس، وإلا خاصتهم قد لا يعنيهم كثيراً.
البغدادي لا شك أنه يمثل رمزية لكل أتباع هذا التنظيم، حتى ولو لم يكونوا يتلقون أي تعليمات أو دعم مباشر أو غير مباشر من هذا (الرمز) لكنه في الحقيقة ليس له أي دور في دعم أو مساندة مليشيات هذا التنظيم المنتشرة في أكثر من دولة، فهو أضعف من أن يكون له أثر.
التكفير لدى داعش هو العنوان الرئيس الذي يستخدمونه مع كل مخالفيهم، أو بالأصح مع كل من لا ينظم إليهم، كون هذا التنظيم تكفيري من الدرجة الأولى، فهو لا يرى مسلماً إلا من يتبعه وينظم إلى ألويته.
التنظيم مرّ بتحولات لعلنا بالعودة إلى تصريحات سابقة لهم نعرف حقيقتهم.
نستعرض البيان الصوتي للمتحدث الرسمي لهذا التنظيم المدعو (أبو محمد العدناني) الذي بثه في جمادى الأولى عام 1435؛ إذ أنكر أن تكون داعش تكفر من قاتلها, وينكر أنها تكفر بالمآلات, وذكر أن من التهم التي يُرمى بها التنظيم أن الدولة (يعني تنظيم داعش) ترى كل من قاتلها قد صار محارباً للإسلام خارجاً من الملة, وأنها تكفر باللوازم والمتشابهات والاحتمالات والمآلات. ودعا إلى المباهلة من أجل نفي هذه التهم. ومما قال: وها أنا أذكر بعضها أباهله عليها فليباهلني إن كان صادقاً فيا أيها المؤمنون آمّنوا واجعلوا لعنة الله على الكاذبين.
وقال أيضاً: اللهم إني أشهدك أن ما ذكرته آنفاً كذب وافتراء على الدولة، وأنه ليس من منهجنا ولا نعتقد به، ولا نتقصد فعله بل ننكر على من يفعله. اللهم من كان منا كاذباً فاجعل عليه لعنتك، وأرنا فيه آية، واجعله عبرة. كررها ثلاثاً.
ليعود هذا المتحدث في شهر رمضان 1436 في بيان رسمي محذراً الناس من الوقوع في الكفر بقتالهم (الدولة الإسلامية) يعني بالطبع داعش فيقول «فاحذر فإنك بقتال الدولة الإسلامية تقع في الكفر من حيث تدري أو لا تدري»!!
هذا يؤكد ما قلته بأنهم لا يرون مسلماً إلا هم.. وهم فقط، فكون من يقاتلهم يكفر، هذا يعني أنهم هم المسلمون فقط!!
لذا فإن مقتل البغدادي لن يغير من استراتيجيات التنظيم، ولن يحدث تغير يذكر، وذلك لكون الأمر أكبر من وجود شخص أو عدمه، فالمسألة مسألة فكر.. فكر متطرف لا يرى على الحق إلا هو، ويرى الكل حلال الدم والمال.
قد لا أتفق مع من يقول بأن البغدادي له أثر كبير في انتشار مليشيات التنظيم، فمن وجهة نظري بأن البغدادي لم يكن يملك كاريزما قيادية، ولا خلفية علمية، تؤهله بأن يكون مرجعية مهمة، فهو مجرد اسم ليس إلا.
الحرب التي يجب أن تستمر ضد هذا التنظيم، هي الحرب الفكرية، والتي أدركتها المملكة العربية السعودية مبكراً، فكانت المراكز الفكرية التي عملت بشكل مميز لتصحيح الأفكار ودراسة الظواهر التي ربما تقود إلى أي انحراف فكري.
قتل البغدادي لن يُغير من المسألة شيئا، إذا لم يستثمر هذا الحدث، في حملة فكرية عالمية تُعيد من يمكن إعادته إلى جادة الصواب، ومنع تمدّد هذا الفكر الإجرامي.