«الجزيرة» - سالم اليامي ومحمد العمار:
تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله -، وبحضور صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية محافظ صندوق الاستثمارات العامة، بدأت أمس أعمال الدورة الثالثة لـ«مبادرة مستقبل الاستثمار 2019»، التي يستضيفها صندوق الاستثمارات العامة في الرياض، بمشاركة مجموعة من رؤساء الدول وصناع القرار.
ويشمل برنامج المبادرة عددًا من جلسات النقاش، ويشارك فيها 300 متحدث من صناع القرار، ومستثمرون وخبراء من أكثر من 30 دولة؛ وهو ما يعكس التوجُّه العالمي للحدث؛ إذ تبلغ نسبة ممثلي قارة أمريكا الشمالية 39 %، بينما يأتي 20 % من حضور المبادرة من أوروبا، وتحوز آسيا نسبة 19 % من المتحدثين، بينما كانت نسبتهم من دول منطقة الشرق الأوسط قرابة 15 %. كما أكد أكثر من 6000 شخص حضورهم مبادرة مستقبل الاستثمار.
ورحَّب محافظ صندوق الاستثمارات العامة ياسر بن عثمان الرميان في كلمته الافتتاحية بالمشاركين في مبادرة مستقبل الاستثمار في نسختها الثالثة، مبينًا أن المبادرة بدأت بفكرة بسيطة لجمع القادة المتنوعين معًا للتعاون فيما بينهم لتنويع الفرص وتدفقها، وإيجاد تعاون بين الحكومات والشركات لمصلحة المجتمع.
وأكد أن المبادرة تعد من أكبر ثلاثة تجمعات عالمية، مشيرًا إلى أنه في عام 2017م كان المشاركون بشكل أساسي من الأمريكيتين وأوروبا والشرق الأوسط، فيما تحظى النسخة الحالية بمشاركة أكبر، فهناك تنوع من اليابان وروسيا وإفريقيا والأمريكيتين وأوروبا والشرق الأوسط؛ إذ يشمل البرنامج مشاركة 300 متحدث من صناع القرار من أكثر من 30 بلدًا وأكثر من 6000 مشارك.
وبيَّن الرميان أن عدد المشاركين في مبادرة مستقبل الاستثمار هذا العام بلغ ضعف النسخة الأولى للمبادرة، مفيدًا بأن المبادرة هذا العام تعمل على ربط رأس المال بالأفكار، وتأسيس علاقات في كيفية إدارة هذا العمل. لافتًا النظر إلى أن المبادرة كانت مؤتمرًا سنويًّا، والآن أصبحت مؤسسة (مبادرة مستقبل الاستثمار)، وستكون مكانًا للتعاون المستمر، ومركزًا للفكر العالمي، بما يتوافق مع تصورات «رؤية المملكة 2030».
وأشار محافظ صندوق الاستثمارات العامة إلى أن المبادرة هذا العام سيشارك فيها أفضل العقول من العالم، وأفضل رواد الأعمال، وأفضل المستثمرين؛ ليتعرفوا على ما يخبئه المستقبل. مبينًا أن الركيزة الأولى لهذا المؤتمر هي المستقبل المستدام، بينما الركيزة الثانية هي التقنية التي تساعد الجميع، فيما تتمثل الركيزة الثالثة في تطوير المجتمعات.
وناقشت أولى جلسات مبادرة مستقبل الاستثمار في نسختها الثالثة مستقبل الاقتصاد العالمي، وحملت عنوان «العقد القادم: كيف يمكن لعصر جديد من الطموحات الاقتصادية أن يصوغ مستقبل الاقتصاد العالمي»، وتناول خلالها المشاركون السبل المتنوعة لتعزيز النمو في خضم حالة الشك المتصاعدة في الاقتصاد العالمي خلال السنوات العشر القادمة.
واستضافت الجلسة في الجزء الأول الذي حمل عنوان «آراء من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا»، إضافة إلى محافظ صندوق الاستثمارات العامة ياسر بن عثمان الرميان، راي داليو المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في شركة بريدج ووتر أسوشيتس في الولايات المتحدة الأمريكية، والرئيس التنفيذي لمجموعة إتش إس بي سي القابضة في المملكة المتحدة نويل كين، والرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك في مجموعة بلاك ستون في الولايات المتحدة الأمريكية ستيفن شوارتسمان، والرئيس ومدير العمليات في مجموعة غولدمان ساكس في الولايات المتحدة الأمريكية جون والدرون.
وأكد الرميان خلال الجلسة أهمية التكيف الذي يوجِد الاستقرار، مشيرًا إلى أن صندوق الاستثمارات العامة يقوم باستثمارات ذات تأثير في عدد من المجالات، منها: الإسكان، الرعاية الصحية، الطاقة المتجددة والعديد من القطاعات الأخرى. ويمكن لهذه الاستثمارات الكبيرة أن تحقق الأمان الاقتصادي.
بدوره، أوضح راي داليو أن هناك عوامل عدة، ستؤثر في الاقتصاد العالمي خلال السنوات العشر القادمة، منها التكنولوجيا، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، والصراع بين الرأسمالية والاشتراكية، والتغير المناخي.
من جانبه، بيّن جون والدرون أن العلاقات مع العميل قد تغيّرت على مدار الأعوام الماضية؛ فقد تحول التركيز على الإنفاق الرأسمالي من المجالات التقليدية إلى مزيد من مجالات الابتكار والحوسبة، والذكاء الاصطناعي. مضيفًا بأن الجانب المالي لدى الحكومات متأخر عن قدرة قطاع الأعمال على الابتكار.
فيما تناول نويل كين الصناعة، وأوضح أن أجزاء من الصناعة تتغير بشكل كبير من خلال استخدام التكنولوجيا، ومشددًا على أن التكنولوجيا تغيِّر السوق؛ ويتعين على الشركات التكيف لكي تستمر.
في حين أوضح ستيفن شوارتسمان أن الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي أسهمت في صعوبة إدارة الشركات؛ كونها تؤثر في الرأي العام.. وهذه أحد التحديات القادمة.
واستضافت الجلسة في جزئها الثاني الذي جاء بعنوان «آراء من الشرق الأوسط وآسيا»، إلى جانب محافظ صندوق الاستثمارات العامة ياسر بن عثمان الرميان، خلدون خليفة المبارك الرئيس التنفيذي للمجموعة والعضو المنتدب في شركة مبادلة للاستثمار في الإمارات العربية المتحدة، والرئيس التنفيذي في الصندوق الروسي للاستثمار المباشر كيريل ديمترييف، ورئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في شركة ريليانس إندستريز المحدودة في الهند موكيش أمباني. وأشار الرميان إلى أن هناك منظورًا طويل الأجل، لقيادة التغيرات بين الاستثمارات والصناديق السيادية والاستثمارية والشركات، حاثًّا هذه الأطراف على أن تكون قوة لا تقتصر في مجالَي الاقتصاد والمال.
وقال: «نسعى إلى إيجاد وظائف ونمو ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي، وكل العوامل الاقتصادية التي تعود بالفائدة على المجتمع، وتحقق جميع هذه الأهداف». مؤكدًا أن هناك عددًا من العناصر تؤثر بشكل سلبي أو إيجابي، مثل الحرب التجارية؛ فهي عامل كبير، لا يقتصر تأثيره على البلدين، وإنما يمتد إلى العالم أجمع.
وفي حديث معاليه حول شركة «أرامكو السعودية» أفاد بحصول الشركة على المزيد من المؤسسات المساهمة مستقبلاً. لافتًا النظر إلى أن فصل أرامكو عن وزارة الطاقة كان لمنع تضارب المصالح.
من جهته، بيّن المبارك أن الاقتصاد شهد خلال الـ15 عامًا الماضية العديد من التغيرات. متوقعًا أن يكون المستقبل على هذه الحالة. وهذا لا يعني أن يكون جيدًا أو سيئًا. منوهًا بقوة وانتشار التكنولوجيا التي ستجعل من المستحيل التنبؤ بما سيحصل في المستقبل.
بدوره، أثنى ديمترييف على ما تقوم به المملكة من إصلاحات اقتصادية، منها الاكتتاب العام المقبل في شركة أرامكو السعودية. معربًا عن تفاؤله بخصوص المستقبل العالمي للاقتصاد؛ كون الصناديق السيادية مفيدة، وبشكل خاص في المضي قدمًا؛ لأنها تخطط إلى آفاق أبعد، وتمتلك رؤوس أموال ضخمة.
وأشاد أمباني - من جهته - بالقفزات التنموية والتحولات الكبيرة التي تعيشها المملكة العربية السعودية خلال السنوات العشرين الماضية، مبديًا إعجابه بما تحقق على أرض الواقع نظير الجهود التي تقوم بها حكومة المملكة، من خلال «رؤية المملكة 2030».