د. محمد عبدالله الخازم
مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية تحقق رسالتها - وفق ما هو مدوّن في موقعها - من خلال المهام والاختصاصات التالية:
* تنسيق أوجه النشاط الوطني للعلوم والتقنية والابتكار.
* توفير سبل الدعم للبحث العلمي والتطوير التقني في المملكة.
* إجراء بحوث علميّة تطبيقيّة وتطوير تقني.
* تطوير وتعزيز التعاون والشراكات المحليّة والإقليميّة والدوليّة لنقل التقنية وتوطينها وتطويرها.
* رعاية الملْكيّة الفكرية وتعزيزها واستثمارها.
* تقديم الاستشارات والخدمات والحلول المبتكرة.
* الاستثمار في تطوير التقنية وتجهيزها التجاري.
يتضح هنا أن أغلب اختصاصات المدينة ذات علاقة بالمنتج البحثي والابتكاري والمعرفي، مما يعني أن لديها ارتباطاً وثيقاً بالجامعات، وقد كانت الداعم الأكبر للبحث العلمي في الجامعات السعودية، وأحد أمثلة دعمها برز في مشروعها الضخم الممثّل في خطتها الوطنية للبحث والابتكار. اتخذ قرار غير مبرر بضمها لوزارة الصناعة والطاقة، أو يبدو أنه كان وفق تصور أو اختزال لمسمى ومهام المدينة المعني بالتقنية، وأن المدينة قد تكون حاضنة لمشاريع تقنية إنتاجية. هذا الأمر جزء من مهامها، لكنه ليس الوحيد، وكونها تصنع بعض المنتجات التقنية فذلك من باب البحث والتطوير وليس الإنتاج التجاري. الغريب أن وزارة الطاقة كان ولا يزال لديها معهد الملك عبدالله لبحوث الطاقة، ولا نعرف مدى نجاح إنتاجيته البحثية، وليس في مبانيه. نحن الأول في إنتاج البترول لكننا لسنا بارزين عالمياً في الإنتاج العلمي المتعلّق بالسياسات والمعرفة البترولية!
وزارة التعليم أعلنت عن خطط مليارية لدعم البحث العلمي وأوجدت وكالة إدارية معنية بهذا الجانب، ولم نر الكثير من الإنتاج في أرض الميدان، لأن الواضح أنه لم توفر لها الميزانية الكافية ولأن إدارتها تأتي ضمن سياق إداري بيروقراطي سلبي، بدلاً من أن تكون عبر ذراع مانح للبحث العلمي مستقل كما كانت تفعل (أو يفترض) مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. تمويل البحث العلمي ليس معاملات إدارية تقليدية وإنما منح تديرها لجان علمية ويتنافس عليها الباحثون ...
الآن بعد العودة إلى وزارتين منفصلتين للصناعة والطاقة، ووجود هيئة للطاقة المتجددة، لا نعرف مستقبل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، لذا نطرح الأسئلة؛ أين مستقبلها؟ هل مستقبلها مع وزارة الصناعة؟ أم مع وزارة الطاقة؟ أم تحت مظلة وزارة التعليم؟ أم مستقلة كما كانت في السابق؟ هل يوجد لديها إستراتيجية واضحة نستطيع من خلالها تصنيف أفضل الخيارات لمرجعيتها؟
الخيار الأول - كما أراه- هو استقلالية المدينة البحثية، ولكن إذا كان قدرها الارتباط بوزارة، فإنني أعود لفكرة فصل التعليم العالي والبحث العلمي كوزارة مستقلة، وأرى مناسبة ربط مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالوزارة المقترحة. الربط هنا في المجالس العليا على أن تبقى مثلها مثل الجامعات، مستقلة بأنظمتها ومواردها المالية والإدارية. المدينة يفترض أن تكون المرجعية الأولى في تخطيط إستراتيجية البحث الوطني وفي دعم البحوث والتطوير كجهة مستقلة، وليس هناك حاجة لوكالة بحث علمي بوزارة التعليم أو التعليم العالي..
مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، لها إنجازاتها ولست أقيم عملها هنا وإنما أتساءل؟ أين موقعها ضمن الخارطة الإدارية؟ وضمن خارطة التنمية البحثية والإبداعية؟