فهد بن جليد
في ظني أنَّ المتحدث الرسمي لطيران ناس الزميل أحمد المسيند، قد أسَّس لمرحلة جديدة من (فن) تفاعل المتحدثين الرسميين في بلادنا، عندما نشر عبر الحساب الرسمي لطيران ناس فيديو قصير (قصيدة شعرية) مُجاراة لشاعر جازان يحي رياني الذي عاتب طيران ناس لتأخر رحلته إلى جازان بطريقة لطيفة وفُكاهية عبر فيديو قصير نشره سابقاً، ليأتيه الرد والتوضيح والاعتذار سريعاً بطريقة ذكية وتلقائية بعيدة عن اللغة الرسمية الجامدة التي تعوَّدنا عليها من المتحدثين الرسميين في بعض القطاعات الحكومية والخاصة، هذا الفيديو ترك أثراً ليس في نفس الشاعر فقط، بل كان له وقع إيجابي عند كثير من العملاء والمُتابعين الذين استمتعوا بالحدث، ليشعر الجميع بأنَّ مُقدِّم الخدمة ليس جامداً أو كائناً قادماً من الفضاء، بل هم أبناء وطننا الذين يحملون ذات الثقافة، ويتحدثون بلسان أهل البلد، ويملكون الشجاعة الكاملة للاعتذار بذات الطريقة من الطرافة والقبول التي وصلهم فيها العتاب من الراكب.
لقد كسر هذا التفاعل (تابوت الأبراج العاجية) الذي طالما اختبأ خلفه -للأسف- كثير من المتحدثين الرسميين الذي يتعمَّدون تفخيم الكلمات وتقعير الألفاظ للاحتماء بها بقصد تبرير الأخطاء ولعب دور المُحامي لإيهام المتلقي بعظم الأمر، بينما نحن أمام حالة متناهية من البساطة والوضوح والشفافية في مُقابلة الجمهور والاعتراف بالخطأ حال حدوثه، والتعهد بالتواصل مع المتضرِّر لرفعه وكسب رضاه، وهو الدور الحقيقي الذي افتقدناه بين تجاهل الرد وتأخره، أو تقديمه على (طبق بارد) مليء ببيانات أو تصاريح ذات ألفاظ وعبارات جامدة وفضفاضة للتبرير تضيع بين سطورها حقوق العملاء.
زميلنا وأستاذنا القدير إدريس الدريس علَّق قائلاً (إنَّ طيران ناس محظوظ بأن يملك مُتحدثه الرسمي ناصية الكلم نثراً وشعراً، ما سكب ماءً بارداً على الشاعر الجميل يحي) وهو تعليق مُستحق، فشكراً لهذه الجرعة من الأمل التي احتواها المشهد الذي قدَّم لنا درساً عملياً في كيفية تقبل النقد بروح رياضية والرد عليه بطريقة رشيقة، تعكس مهارات التعامل بكفاءة وسرعة وذكاء، لتحوله من مجرَّد دفاع وتبرير عن قصور في الخدمة إلى تفاعل إيجابي ووعد مليء بالاحترام والعزم على بذل الأفضل في المُستقبل، كُلنا أمل أن تعمَّ هذه الحالة المزاجية المُعتدلة في (فن) النقد والرد، لتتغلب على تعقيدات ردود بعض مُتحدثي القطاعات المُختلفة.
وعلى دروب الخير نلتقي.