خالد بن حمد المالك
لم يكن أمام اليمنيين من خيار آخر لمواجهة التحديات التي تواجهها البلاد، والتصدي للمؤامرات التي تمسّ وحدة اليمن واستقلاله، إلا بمثل (اتفاق الرياض) الذي تم باهتمام شخصي ورعاية من الملك سلمان، لتطويق الخلافات، وتقريب المسافات في وجهات النظر بين الفرقاء، ولإيجاد آلية لتحرير البلاد من سطوة إيران على مقدرات الأمور، وإنهاء عمالة الحوثيين واستجابتهم لإملاءات طهران.
* *
فاليمن -بالمنطق والعقل- يكون أقوى بالالتفاف حول الشرعية، ونبذ الخلافات، والتوجه نحو بناء إستراتيجية جديدة تنهي بسط نفوذ الميليشيات الحوثية على العاصمة صنعاء، وما هو تحت سيطرتها في مدن أخرى، بدءًا من تطبيق ما تم التوافق عليه في اتفاق الرياض.
* *
واتفاق الرياض تكون قيمته أقوى في تطبيقه والتمسك ببنوده، وإيجاد برنامج لخطوات تفعِّل من دور الشرعية في مواجهة الانقلابيين، وصولاً إلى استعادة اليمن من خاطفيه، وتحريره من الوضع المأساوي الذي يمرّ به منذ انقلاب عبدالملك الحوثي وميليشياته على النظام الشرعي، واستيلائه على مؤسسات الدولة، مدعوماً عسكرياً ومادياً وبشرياً من إيران.
* *
واتفاق الرياض، يمكن النظر إليه على أنه خارطة طريق جديدة لبلوغ الأهداف التي تأخّر تحقيقها بسبب وجهات النظر المتباينة في التعامل مع جريمة الانقلابيين، ما يعني أن على الفرقاء التأكد أنهم بهذا الاتفاق سوف يُنظر إليهم وكأنهم اليوم يتجهون نحو تقريب المسافة الزمنية لإيجاد حل لأزمتهم، وذلك بإبعاد إيران من التدخل في شؤون اليمن، ومن ثمّ إنهاء الدور الحوثي المشبوه في اليمن.
* *
وفي هذا الشأن فإن حضور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال إجراء مراسم الاتفاق، يظهر مدى اهتمام المملكة بالقضية اليمنية، وحرصها على وحدة اليمن واستقلاله وسيادته، ومنع أي تدخلات أجنبية في شؤونه الداخلية، فضلاً عن أن مشاركة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد بالحضور تبدِّد أي ادّعاء أو تشويش يشكِّك في تماسك التحالف وتفاهمه حول إنقاذ اليمن من المتآمرين عليه.
* *
لقد تم التوقيع على اتفاق الرياض بحضور الرئيس اليمني عبدربه منصور، وولي عهد المملكة محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ووفدي الحكومة والانتقالي، والمبعوث الأممي، مما يؤكد التزام الطرفين بمضامينه، بما في ذلك رفض الأجندة الإيرانية الطائفية، وما يتطلبه ذلك من توحيد في المواقف والجهود لاستعادة الأمن والاستقرار على امتداد اليمن، وهو ما يعني التمهيد نحو الوصول إلى حلول سلمية لجميع الأزمات في اليمن، بما فيها احترام حقوق المواطنة، ونبذ التميز المناطقي والمذهبي، واختيار حكومة من كفاءات مشهود لها بالنزاهة والخبرة مناصفة بين الشمال والجنوب، وأن تبدأ الحكومة عملها من عدن، ومكافحة الفساد، وتنظيم الأجهزة الأمنية، وحركة السلاح، وغير ذلك من المبادئ والبنود التي نصّ عليها اتفاق الرياض، لإنقاذ اليمن من محنته.
* *
وأخيراً.. لا بد من الإشارة إلى ما قاله سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في كلمته بأن المملكة (كانت على مرّ التاريخ داعمة لليمن، وأن هذا الاتفاق يمثل خطوة نحو الحل السلمي، وإنهاء الحرب في اليمن، وأن حكمة أبناء اليمن تسمو فوق كل التحديات، وقوله: كل يوم يجتمع فيه اليمنيون هو يوم فرح للمملكة)، فالمملكة -كما هو معروف- داعم الآن ومستقبلاً لليمن وشعبه سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وتنموياً وإغاثياً وفي كل المحافظات، وصولاً لاستعادة الدولة، وإنهاء التدخل الإيراني، ومكافحة الإرهاب، وأن الرياض ملتزمة باحترام كل ما يتفق عليه الشعب اليمني ومكوّناته في المستقبل، مع التأكيد على تقدير المملكة لدور دولة الإمارات في الوصول إلى هذا الاتفاق، بعد أن قدمت -يقول الأمير محمد بن سلمان- تضحيات جليلة في ساحة الشرف مع جنود المملكة ودول التحالف.