د. أحمد الفراج
نواصل الرحلة مع رؤساء الولايات المتحدة، وضيفنا اليوم حالة فريدة، فهو لم يتمتع بالرئاسة، ولم يسع إليها أصلاً، ففي مؤتمر الحزب الجمهوري، قبيل الانتخابات الرئاسية لعام 1880، اختار المندوبون جيمز قارفيلد، ليكون مرشحًا للرئاسة، إِذ كان حينها عضوًا في مجلس النواب عن ولاية أوهايو، فقد انتخب للمجلس في عام 1862، وهنا لا بد من التنويه إلى أن مندوبي الحزبين (الجمهوري والديمقراطي) بإمكانهم أن يختاروا أي مرشح يرون أنه مناسبًا لمنصب الرئيس، وهذا الموضوع سبق أن كتبت عنه بتوسع في مقالات سابقة، ضمن التفصيل عن الحراك الديمقراطي في أمريكا، وكان قارفيلد قبل عضوية مجلس النواب، قد انتخب لمجلس الشيوخ لولاية أوهايو، ولأنه كان ضد انفصال الجنوب الأمريكي عن الولايات المتحدة، بعد قرار الرئيس إبراهام لينكولن بإلغاء الرق، فقد شارك في الحرب الأهلية كجنرال، مع جيش الولايات المتحدة الأمريكية ضد الانفصاليين، وأبلي في الحرب بلاء حسنًا.
خاض جيمز قارفيلد معركة الرئاسة لعام 1880، وعلى الرغم من أنه لم يبذل جهدًا كبيرًا، إلا أنه فاز على الديمقراطي، ونفيلد هانكوك، ولم يسعفه الوقت لعمل الكثير، فقد تم اغتياله، بعد ستة أشهر ونصف من دخوله البيت الأبيض، في إحدى محطات القطار بمدينة واشنطن دي سي، على يد تشارلز قويتي، ويحسب له أنه أعاد الهيبة لمنصب الرئيس، وحقق انتصارات في هذا السبيل، كما أنه عمل على إدخال التقنية في الحقل الزراعي، وبدأ مشروع تطوير الأنظمة المدنية، والأهم أنه كان جمهوريًا حقيقيًا على طريقة لينكولن، فقد دعم قضية حصول السود على حقوقهم المدنية، وهو موقف شجاع ومتقدم لسياسيّي ذلك الزمان، ويدل على البعد الإِنساني، المضاد للعنصرية والظلم، ولأنه لم يحكم إلا فترة وجيزة، فقد استبعد من التصنيف من قبل المؤرخين، وفي تقديري أنه لو استمر رئيسًا، لربما أصبح ضمن قائمة الوسط (أعلى الوسط)، فهو أنجز الكثير في فترة قصيرة جدًا!.