سارة السهيل
مع تصاعد الاحتجاجات في العراق ترجمة لرفض المتظاهرين لكل أشكال الفساد الذي ينخر كالسوس في البلاد، ومع الدعوات لعصيان مدني، فإن الحكومة العراقية باتت مطالبة بأسرع وقت بإجراء إصلاحات جذرية في منظومتها السياسية والاقتصادية تلبية لحاجات المتظاهرين المشروعة في حياة كريمة بعيدًا عن الفقر والجوع والمرض، وهي أبسط حقوق الإِنسان.
وعلى الرغم من سلسلة الإجراءات التي اتخذتها السلطات العراقية لاحتواء الاحتجاجات، فإن هذه الإجراءات لم تف باحتياجات الشعب الثائر، وخصوصًا أن 22.5 منهم فقراء بحسب الإحصاءات الدولية، وتصاعد الاحتجاجات يكشف عن رفض أصحاب الحقوق المشروعة في وطنهم لأية محاولات لترقيع الأوضاع الاقتصادية الشائكة عبر وعود بالإصلاح أو إصلاحات جزئية محدودة تهدئ من ثورة الثائرين حتى يفضوا التظاهر، وتعود ريما لعادتها القديمة فساد ملأ السموات والأرض يدفع ثمنه شعب قدم أعرق الحضارات في التاريخ الإِنساني.
والواقع يؤكد على عمق الفجوة بين الشعب والكتل السياسية، وعلى استمرار غياب العدل في توزيع ثروة البلاد، وكشفت صرخات المحتجين عن حقيقة غياب منصة ديمقراطية شرعية للمطالبة بالحقوق الدستورية المشروعة، لأنه ببساطة شديدة النواب لا يمثلون من انتخبهم ولا يؤدون دورهم في توصيل طلبات الشعب للمسؤولين.
إن استخدام القوة المفرطة بحق المتظاهرين السلميين أمر لم يعد مقبولاً، وأنه حان الآوان للحكومة العراقية أن تقوم بالتطهير الذاتي من داخلها لاقتلاع سوس الفساد الناخر في أضلعها، أول خطوة في هذا التطهير هو كشف المتورطين في الفساد ومحاسبتهم بكل حزم، وبنظري فإن الضرورة تقتضي ـ كما يطالب المتظاهرون ـ بإعادة تصحيح الدستور بما يضمن حقوق الشعب حسب الكفاءة وبمعزل عن المحاصصة والتقسيم الطائفي.
وفي اعتقادي أن الحكومة مطالبة بوضع خطة قابلة للتنفيذ الفوري على الأرض للإصلاح السياسي الذي يقود إلى إعادة توزيع ثروات البلاد بشكل عادل بكافة المناطق، والإسراع في تنفيذ خطط متوازية لدعم الخدمات الصحية والتعليمية وكافة المرافق الضرورية.
العراقيون جميعًا ينتظرون الإسراع في إقامة دولة حديثة شوارعها معبدة ونظامية مثل الدول المجاورة تتوافر فيها محطات قطار ضمن المواصفات العالمية بما معناه تأمين وسائل نقل للمواطنين، وحل مشكلة الكهرباء وتوفير المياه للمنازل كما يستحق المواطن العراقي.
وينتظر المتظاهرون سرعة إحياء وبعث السياحة بالبلاد لتأخذ مكانتها بين السياحة العالمية فبلد السبع حضارات والأقدم عالميًا ولا تستغل السياحة بها هذا أمر مستهجن فلنطور أدوات السياحة من آثار ومتاحف وغيرهما من المرافق، كما يحتاج العراق إلى وسائل ترفيه للأطفال من حدائق وألعاب ترتقي بالطفل العراقي المسلوب الطفولة، كما أنه يحتاج لنواد علمية ورياضية، وأماكن يملأ بها فراغه بشيء نافع.
ويأمل كل مواطن عراقي أن يمتلك بيتا آمنًا وليس كبيوت التنك والعشوائيات، وأن يتقاضى راتبًا يؤمن به احتياجات معيشته بكرامة وعزة، على أن يتم تأمين الوظائف للعاطلين عن العمل والتدريب على المهن الخدمية والحرفية لأن الوطن بحاجة النجار والحرفي حاجته للطبيب والمهندس، وأن يتم التوظيف حسب الخبرة ومجال الاختصاص.
المواطن العراقي يريد دولة قوية فيها قانون يحمي الضعيف وينصره ويرجع الحقوق لأهلها، وجواز سفر عالمي يكون محترمًا ومقدرًا من كل دول العالم بما يتناسب مع سيادة العراق وامتلاكه زمام أموره واستقلالية قراره
أظن أنه إذا تحققت هذه المطالب الأساسية التي تحظى بها الدول المجاورة، فلن نجد متظاهرًا واحدًا يطرق الشوارع بل إنه سيعمل جاهدًا على الحفاظ على ما حققته له الدولة من مكتسبات وإنني بهذا المقال متأكدة من أن المسؤولين يعرفون أن هذا هو الصحيح ولكنني في النهاية أطالب المتظاهرين أن يبقوا على وطنيتهم ووحدتهم، كما هم ينادون بعراق واحد موحد عربي كردي شيعي سني تركماني يزيدي صابئي مسيحي مسلم إخوة بالمحبة والسراء والضراء كما أن يحافظوا على بلدهم وممتلكاتهم ونشد على أيديكم بالإصرار لأخذ حقوقكم بالطرق السلمية وحذاري من الانجراف خلف كائن من يكن من أي دولة خارج العراق لتكون أجندتكم وطنية محلية.