خالد بن حمد المالك
الأوضاع المتأزمة في العراق ولبنان ستبقى على ما هي عليه دون حل ما بقيت العلاقة قائمة بين القوى النافذة في بغداد وبيروت ونظام ولاية الفقيه في إيران، وستظل تراوح في مكانها ما لم يتم تفكيكها، وإبعاد الخطر الإيراني من التغلغل في عمق الدولتين، وصولاً إلى فك الارتباط، ومن ثم تجنيب الخطر الإيراني من تحقيق أي مكاسب للدولة الفارسية في كل من لبنان والعراق.
* *
نفهم جيدًا أن الحشد الشعبي، وقوى عراقية نافذة ترتبط بالولاء والتبعية لإيران، ومثل ذلك حزب الله اللبناني وأمينه حسن نصر الله، ولكننا لا نفهم كيف لعراقي أو لبناني أن يفرِّط بمصالح بلاده، ويعرِّضها للخطر، ويقبل بالارتهان لما يصدر من إملاءات إيرانية، دون أن يفكر بمصلحة بلاده، كما هو الحال في لبنان والعراق، إلا أن تكون هناك مؤامرة، وهناك عملاء يشتركون مع إيران، في تنفيذها.
* *
وعندما تموج الشوارع والميادين بانتفاضات في كل من العراق ولبنان بالمواطنين، مطالبين بمحاسبة الفاسدين، وكل من فرَّطوا بمصالح الدولتين، والدعوة إلى تغيير شامل يعيد الاعتبار والاستقلال والسيادة للدولتين، ويكون من ضمن مظاهر الانتفاضيين تمزيق صور الخميني وخامنئي، مع عبارات منددة بهما، فإن ذلك يظهر حجم الألم والملل من هذه العلاقة بدولة الملالي، ونفاد صبر المواطنين في تحمّل ما لا يحتمل من إفرازات العلاقة بطهران.
* *
صحيح أن إيران تواجه وضعًا اقتصاديًا صعبًا، وأنها أصبحت دولة منبوذة على مستوى العالم، وأنها لم تعد تملك القوة المؤثِّرة كما كانت عليه قبل القرارات الأمريكية التي مسَّت شريان الحياة فيها، لكنها لا تزال تواصل مؤامراتها بإمكاناتها الحالية، وتعلن عن عدم استعدادها للتخلّي عن أجندتها في التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، كما تفعل الآن في اليمن وسوريا إلى جانب لبنان والعراق، ما يعني أهمية أن يتواصل الضغط الشعبي لإجبار المسؤولين في العراق ولبنان على ترجيح مصالح الدولتين على مصالح إيران، والأخذ برأي الأكثرية لا الاستسلام لتوجهات الأقلية التي تستقوي على المواطنين بسلاحها الإيراني القذر لفرض إرادتها عليهم.
* *
لا نريد أن نتدخل في شؤون الدول الشقيقة، غير أن الهيمنة الإيرانية على القرار في أكثر من دولة عربية يشكِّل خطورة ليس على هذه الدول، وإنما على جميع دول المنطقة، فالسياسة الإيرانية تتجه إلى إقامة الدولة الفارسية، ومد التشيّع إلى عدد من المواطنين العرب في عدد من الدول العربية، وتوسيع قاعدتها في المنطقة بأكثر مما هو واضح الآن، يشجعها على ذلك قبول بعض العرب الشيعة للتوجهات الإيرانية، مع ما يشكِّله ذلك من خطر محدق على الشعوب العربية، بمن فيهم هؤلاء المؤيِّدون لسياسة إيران الاستعمارية ربما عن جهل وسوء تقدير، وهذا ما يجعلنا نكتب عن الحالة في العراق ولبنان، من زاوية الخوف على الدولتين، وعلى باقي دول المنطقة في المستقبل، دون أن نعطي بذلك لأنفسنا أي حق في التدخل بالشأن الداخلي الخاص بالعراق ولبنان.