رقية سليمان الهويريني
يتكئ بعض الأشخاص في عملهم على أشخاص ذوي نفود فلا يستطيع أحد أن يناقشهم أو يحصل على حقه المشروع منهم! ويسعون لنشر ذلك بين زملائهم كأحد أشكال الأبهة للحماية من المساءلة.
ولم يكن يصنف ذلك من الفساد بقدر ما يعد وجاهة وحصانة! حيث كان ينحصر هذا المفهوم في الأمور المالية وبالتحديد الهدر المالي أو الرشوة في بعض القطاعات الحكومية، والتأخير في تنفيذ المشاريع وتعثرها من لدن الشركات. بينما مفهومه الحقيقي أشمل من ذلك بكثير، فالتقاعس في خدمة المراجعين وإعاقة معاملاتهم وتسويفها هو فساد، كما أن الظلم بين الناس فساد عظيم، والاعتداء على النفس والعرض والمال والجور على الضعفاء فساد كبير. كما يشمل الفساد الدائرة المحيطة بالمفسدين عن طريق بث أخلاق وصفات وأفكار ودعاوى الفساد والإسراف فيها ونشرها حتى يتعدى أثرها إلى غير أصحابها، كما أن زرع الفتن والتحريض وإشعال نار الحروب وتمويلها ودعم الأطراف المتحاربة هو فساد مقيت.
ويسري مفهوم الفساد بالواقع المستشري بالتجارة سواء التدليس في البيع والشراء أو الغش بالصفقات الكبرى أو التعاملات البسيطة.
إن انسجام معتقد الفرد مع سلوكه يتمخض عنه الصدق والأمانة، وكل تعارض أو تضارب بينهما يفقده المصداقية ويسقطه في الفساد، لأن السلوك دلالة على معتقد نقي بما يحويه من تقوى وورع وترفع وعمل نظيف بما يشمله من إخلاص وأداء وإنتاجيه. وفي أغلب المواضع القرآنية لم يربط الله الفساد بمعتقد الإنسان ودينه فقط ولكنه قرنه بعمله وفعله ونتاجه وعلاقاته وروابطه.
إن تغلغل الفساد في كل منحى في الحياة يؤدي إلى نتائج سيئة على المجتمع، ويسبب انهياره ويشمل حتى غير المسيء لأنه سكت عنه ولم يقاومه!
ولعله ولى زمن أولئك المفسدين المستندين على أشخاص فأصبحت ظهورهم مكشوفة على حد قانون ونظام صارم ليس لأحد عنده خصوصية ولا حصانة غير كفاءته وأدائه!