د.عبدالعزيز الثويني
اشتكى لي زميلي فهد من مشوار طويل أمضاه مع ورشات صناعية الرياض، حيث يبحث عن قطع غيار لسيارته العزيزة.. وحينها ضحك زميلنا محمد وكيف أنه أمضى ساعة كاملة من أجل أن يأتي بعشاء فاخر لأبنائه.. وأكمل زميلنا صالح الحديث كيف أنه جلس ساعتين من أجل أن يركّب دولاباً في بيته..
بكل صراحة هؤلاء الزملاء لم يتكلموا البتة!
لكنها صور من أعمالهم، صور من حياتهم، صور من روتينهم اليومي.. يا لحسافة الأعماااار! نعم، يا لضياعها، لقد ولت أعمارهم دون أولويات واضحة، دون ترتيب واضح، لقد ظنوا، وخابوا حين ظنوا، أن مجرد فعلهم لذلك الفعل المضني، شيء يرضيهم ويشعرهم بشي من الإنجاز!
تعال يا صاحبي لتتعمق في حياة هؤلاء وأنا وأنت منهم.. فهد رجل مميز في المالية وإدارة الأسهم والصناديق، ومحمد شاب مميز في التعليم وفي الإدارة التربوية، وصالح مهندس معماري قد ألهمه ربي جلَّ في علاه حساً وذوقاً في التصميم والديكور.
كل هؤلاء ضاع وقتهم في يوم واحد.. يتكرر كثيراً في حياتهم، وقعوا في فخ كبير وفهم خاطئ لحياتهم وتنميتها وتطويرها!
لم يستفد المجتمع من مالية فهد ولا تعليم محمد ولا هندسة صالح!
لماذا؟
ظنوا أن فعلهم لذاك الشيء يجعله تلقائياً مهماً ولا تنازل عنه، بمعنى فعلوا شيئاً هو في الحقيقة غير مهم لكنهم جعلوه مهماً!
والأمر الثاني، ظنوا كون مثلاً مشوار الصناعية أو مجرد تركيب دولاب يحتاج لوقت أكثر إذاً يتحول هذا المشوار والتركيب على رأس قائمة الأولويات التي يجب عليهم فعلها بأنفسهم.
لقد نسي هؤلاء أن الحياة أولويات، وأنه من الغبن أن تفعل شيئاً يستهلك منك وقتاً وجهداً كان بإمكان شخص آخر فعله وحينها تتفرَّغ لإبداعك وعملك وخبرتك وتفيد الناس والمجتمع في مجالك وتستفيد أكثر وأكثر علمياً ومالياً.
يا صاحبي، تعلّم فن الأولويات، بل تعلّم فن التوكيل، تعلّم أن لديك حرثاً وحصاداً عليك تنميته وإدارته، تعلّم أن الله سبحانه قد أعطاك علماً وخبرة عليك إفادة الناس بها، لا أن تموت ولا درى عنك الناس ولا شافوك!
تعلّم فن التوكيل، أن توكل تلك الأعمال غير المهمة في حياتك إلى ناس آخرين ولو برسم مالي، المهم وقتك من ذهب، لا يسطون عليه أحد!