عمرو أبوالعطا
اتفاق الطائف هو الاسم الذي تعرف به وثيقة الوفاق الوطني اللبناني، التي وضعت بين الأطراف المتنازعين في لبنان، وذلك بوساطة سعودية في 30 أيلول 1989 في مدينة الطائف وأقرّ بقانون بتاريخ 22 تشرين الأول 1989 منهيًا الحرب الأهلية اللبنانية، وذلك بعد أكثر من خمسة عشر عامًا على اندلاعها.
منذ ثلاثين عامًا، تم التفاوض في الطائف بالمملكة العربية السعودية، وقد تم تصميم الاتفاق لإنهاء الحرب الأهلية اللبنانية المستمرة منذ نحو عقدين، وإعادة تأكيد السيادة اللبنانية في جنوب لبنان (الذي كان محتلاً من إسرائيل)، كما أن الاتفاق حدد إطارًا زمنيًا للانسحاب السوري، فينص على أنه يجب على السوريين الانسحاب في غضون عامين. وقد تم التوقيع عليه في 22 أكتوبر 1989 وصدق عليه البرلمان اللبناني في 5 نوفمبر 1989. حضر هذا الاتفاق اثنان وستون نائبًا لبنانيًا من أصل ثلاثة وسبعين، وقد جرى توقيعه برعاية الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله-، وجاء الاتفاق حاسمًا وتاريخيًا إِذ أعاد الهدوء والاستقرار إلى لبنان.
وها نحن نشهد اتفاقًا آخر من أجل بلد عربي آخر، حيث شهدت العاصمة السعودية الرياض، الثلاثاء 5 نوفمبر 2019م، مراسم التوقيع رسميًا على «اتفاق الرياض» بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، ويشتمل الاتفاق على بنود رئيسة، إضافة إلى ملحق للترتيبات السياسية والاقتصادية، وملحق للترتيبات العسكرية وآخر للترتيبات الأمنية بين الطرفين التي شهدت قواتهما خلال الفترة الماضية نزاعًا عسكريًا وتبادلاً للسيطرة على عدة مدن جنوبية خاصة عدن.
وجاء في الاتفاق: إن طرفي هذا الاتفاق، إِذ التقيا برعاية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود في المملكة العربية السعودية من 20 - 8 - 2019م إلى 24 - 10 - 2019م، استجابة لدعوة المملكة للحوار لمناقشة الخلافات وتغليب الحكمة والحوار ونبذ الفرقة ووقف الفتنة وتوحيد الصف.
والتزامًا من تحالف دعم الشرعية في اليمن بالمرجعيات الثلاث: مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن رقم 2216 والقرارات ذات الصلة ومقررات مؤتمر الرياض.
وتأكيدًا على دور تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية استجابة لطلب فخامة الرئيس الشرعي المنتخب عبدربه منصور هادي لحماية اليمن وشعبه من استمرار عدوان الميليشيا الحوثية المدعومة من النظام الإيراني، والبناء على النجاحات السياسية والعسكرية والأمنية والإغاثية والتنموية وعلى رأسها استعادة السيطرة على معظم الأراضي اليمنية.
ويمثل الاتفاق خطوة مهمة للحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي اليمنية، وهو شرط ضروري لاستئناف المفاوضات الهادفة إلى الخروج من الأزمة، تشمل كل مكوّنات المجتمع اليمني.
لا أحد منا يغفل دور المملكة العربية السعودية المحوري والحاسم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، من خلال نهجها الحازم في التصدي لأية تهديدات للأمن الخليجي والعربي، ووقوفها بقوة إلى جانب الأشقاء اليمنيين في مواجهة انقلاب الميليشيات الحوثية المدعومة إيرانيًا، وقيادتها لتحالف عاصفة الحزم لاستعادة الشرعية، وأخيرًا دورها المحوري في تقريب وجهات نظر ورأب الصدع الذي حدث بين الحكومة الشرعية وأبناء الجنوب، الذي توج بالتوصل إلى هذا الاتفاق التاريخي.