فهد بن جليد
الروشتة الطبية التي كتب فيها الطبيب المصري لامرأة أمية (أي حاجة) بدلاً من الدواء بسبب معاناتها آلاماً بجسدها إثر انقطاع الطمث، قد نحمل مثلها نحن المتعلمون (حزمة أدوية) على الطريقة ذاتها دون الحاجة، نتيجة عدم فهمنا بطُرق العلاج خصوصاً في المستشفيات الخاصة، ولأنَّ المريضة أصرَّت للحصول على علاج بعد أن أخبرها الطبيب بعدم الحاجة له، كتب عبارة (أي حاجة) في ورقة الأدوية.
في الأيام الماضية تعرَّضت طفلتي الصُغرى (رولا 4 سنوات) لحرارة في جسدها، وحيث كُنت مُسافراً ذهبت بها أمها لأكثر من طبيب، وجميعهم صرفوا لها أدوية لم تفلح في خفض حرارتها، وبعد عودتي أخذتها لأحد أكبر المستشفيات الأهلية المتخصصة بالأطفال في الرياض، وعندما رآها الطبيب (من جنسية عربية) قال لديها فايروس من الجو، ويجب أن يأخذ دورته كاملة، أخبرته عن الأدوية التي تتناولها لخفض الحرارة وأنَّها لم تفلح، فقال لا يجب خفض الحرارة لأنَّها مفيدة بحسب نظريات الطب الحديث، فهي تساعد في الشفاء عكس ما كان الناس يتخوفون سابقاً، وأنَّ أي أضرار تأتي فهي بسبب استعداد الطفل وراثياً لها، فإذا لم يكن لديكم تاريخ تشنجات في العائلة اترك الحرارة ترتفع وستنخفض من تلقاء نفسها دون تدخل، اجعلها تشرب وتأكل (أي حاجة) على طريقة الطبيب المصري أعلاه، وستُشفى.
وحيث لم يرق لنا هذا الكلام كثيراً تركتها اليوم الأول وارتفعت حرارتها ولم تنخفض فجراً إلاَّ بخافض الحرارة المُعتاد، وعندها اتصلت بأحد الأصدقاء طبيب أطفال وأخبرته القصة، فقال هذا الكلام غير صحيح، ولا أعرف من أين أتى الطبيب بهذه النظرية، فالحرارة مُضرة بالأطفال وحسنتها الوحيدة أنَّها تخبرنا بأنَّ هناك مشكلة لا يستطيع الطفل التصريح بها، طلب مني مُكافحة الحرارة فوراً بحزمة طُرق، والعمل على خفضها وأنَّ هذا هو أول خطوات العلاج، أرسلت له الأدوية السابقة فطلب الاستمرار عليها والحمد لله تحسَّنت الأمور، هذه القصة تكشف لك أنَّنا جميعاً ربما نكون مثل هذه المرأة الأمية التي وقعت ضحية لسخرية الطبيب وتهكمه، فكلنا نحمل روشتة العلاج ولا نستطيع تمييز مدى احتياجنا لكل مافيها، أو على الأقل الاستغناء عن أي حاجة فيها.
وعلى دروب الخير نلتقي.