مها محمد الشريف
يبدو أن الأمر أسوأ بكثير لأولئك المجرمين قتلة الشعوب، ولعل الخوف هو السبب بحسب تأكيد ممارسة العنف ضد المتظاهرين العراقيين واندلاع الاحتجاجات الشعبية العارمة في كبرى المدن العراقية على الفساد السياسي، والوضع الاقتصادي المتدهور، وخصوصاً بعد اتفاق بين الكتل السياسية الكبيرة أشرف عليه قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني يقضي بإبقاء رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في منصبه، على رغم المطالب الشعبية برحيله وتعزيز موقفه بصرف النظر عمَّا إذا كان يتحمّل تبعات سياسته أو إلقاء المسؤولية على الشعب!
وأفادت الوكالة في تقرير نشرته، بأن سليماني، بعد يوم فقط من خروج الاحتجاجات واسعة النطاق في البلاد، وصل بمروحية إلى المنطقة الخضراء وسط بغداد، حيث فاجأ مجموعة من كبار المسؤولين الأمنيين العراقيين بترؤسه اجتماعاً سرياً بدلاً عن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.
في ساحات الوغى تتعرَّف على الوجوه المشبوهة، فلم يعد هناك موضع شك في العمل على وأد الثورة وقتل المتظاهرين بأمر من سليماني، وفي الجانب نفسه، أشار التقرير إلى أن الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين ازدادت ضراوة بعد يوم من زيارة قائد «فيلق القدس» إلى بغداد، وارتفعت حصيلة القتلى بسبب استهداف قناصين منتمين إلى جهة مجهولة للمتظاهرين، ما أدى إلى مقتل نحو 150 شخصاً خلال أقل من أسبوع.
وما يثير الرعب حقاً في قلوب نظام طهران ثورة الشعبين العراقي واللبناني، وللأسباب نفسها يستشيط النظام الإيراني غضباً وحنقاً من استمرار المظاهرات وانتقالها إلى إيران، ومع هذا الخوف، فليس ثمة من يرى في الأمر شيئاً بعيداً، فقد عمَّت مظاهرات واسعة في أكبر المناطق العربية في إيران، بعد اتهامات للنظام في طهران باغتيال الشاعر العربي حسن الحيدري، عبر تسميمه وغضب أبناء الأحواز العربية المحتلة وتضامنهم مع أبناء العراق ولبنان في الثورة ضد الطائفية واحتلال نظام إيران لبغداد وبيروت والفساد في المنطقة.
وبدأت المظاهرات، في محافظة خوزستان ذات الكثافة السكانية العربية، خاصة في العاصمة الأحواز، قبل أن تتصاعد وتيرة الاحتجاجات في اليوم الثاني وإنزال العلم الإيراني، وردد المحتجون شعارات مناوئة للنظام الإيراني، مطالبين في نفس الوقت بوقف الاعتقالات التعسفية، والتضييق الثقافي والعنف من الحرس الثوري ضد المتظاهرين، وعلى مستوى أوسع، أكدت وكالة «أسوشيتد برس» أن قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، قام بزيارة مفاجئة إلى بغداد، في أعقاب اندلاع الاحتجاجات في العراق.
في حقيقة الأمر، فإن إيران تشعر بقلق بالغ إزاء الاضطرابات في العراق ولبنان، معتبرة إياها تهديداً لنفوذها الإقليمي، في الوقت الذي يعاني فيه اقتصادها من العقوبات الأمريكية الصارمة، فالأمر لن يكون أسوأ من سقوط قتلى أبرياء برصاص قناصة رجال سليماني والسيطرة على الموقف، وهو ما شرع الباب واسعاً على مصراعيه مما جعل من السهل جداً السقوط في تلك الأعماق السحيقة المروِّعة، فإن الالتباس في مواقف وتصريحات الممثلة الأممية «جانين هينيس بلاسخارت» أثارت غضب العديد من العراقيين الذين رأوا فيها انحيازاً لموقف الحكومة العراقي، على الرغم من مشاهد العنف الذي يُمارس ضد الشعب أسفر عن مئات القتلى وآلاف الجرحى؟