فهد بن جليد
لن نتفاجأ أن من بيننا من يفخر بأنه يمتلك ويستهلك أي (سلعة) يعاني الناس من ارتفاع أسعارها، وهذا النوع لديه مشكلة نفسية عندما يحاول إيهام نفسه ومن حوله أنه غير معني بمشاكل الطبقة الكادحة, في 13 فبراير عام 2013 كتبت مقالاً بعنوان (سندويشة إمي أزكى) قلت فيه إنَّ العنوان أعلاه يخصُّ حملة أطلقها (طلاب الهندسة) في إحدى الجامعات الأردنية، لمواجهة ارتفاع أسعار كافتيريا الجامعة، والتي لم تعد تتناسب مع إمكانات الطلبة المالية! الحملة أطلقت داخل الجامعة، وعبر الفيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، ويبدو أنها بدأت في تحقيق أهدافها بعد أقل من أسبوع، مع بدء تخفيض أسعار الوجبات لتتناسب مع دخل الطلاب، والذين بدأوا في نشر قطع من الكيك والحلوى المنزلية (مجاناً) بعدما صنعتها أمهاتهم لدعم هذه المقاطعة.
وأنا أقرأ هذا الخبر في أكثر من صحيفة أردنية شعرت بالسعادة أنه ما زال هناك مستهلكون في العالم العربي قادرون على فرض شروطهم، والمطالبة بتخفيض الأسعار، حتى لو كان في حيز جامعي ضيّق، والسبب أن جميع حملات المقاطعة والممانعة والمجابهة التي يطلقها المستهلك السعودي باءت (بالفشل) عدا حملة واحدة يتيمة، هي (حملة الألبان) التي استطعنا إعادة أسعارها السابقة، مع أن هناك من يتحدث اليوم عن اختلاف في (سعة) الكرتون أو العلبة, وبالمُناسبة عادت اليوم للارتفاع من جديد.
أسعارنا ما زالت (ملتهبة) في الكثير من السلع التي تُمسي بسعر، وتصبح بسعر جديد، ولا أحد يحرك ساكناً، من حقنا أن نسأل عن سبب ضعف تأثير (المستهلك السعودي) في أي حملة مقاطعة، حتى لو كان متضرراً من ارتفاع الأسعار؟.
يبدو أنَّ هناك نسبة لا تشتري بنفسها، فهي تعتمد إما على الخادمة أو السائق، إضافة إلى الغياب الواضح لثقافة المقاطعة، والتي تأتي بشكل عاطفي وغير مرتب، بدليل أن من قاطعوا المنتجات الدنماركية والفرنسية سابقاً هم الأكثر استهلاكاً لها اليوم, باختصار متى ما أردنا مقاطعة سلعة أو منتج، علينا تقديم شعار بديل، ومحفز على استمرار هذه المقاطعة، ومن جميع شرائح المجتمع، وليس بالمقاطعة الهجومية التي لا تصمد طويلاً.
وعلى دروب الخير نلتقي.