سمر المقرن
قبل أن تختار الأمم المتحدة يوم 25 من شهر نوفمبر كيوم عالمي لمناهضة العنف ضد المرأة وبأكثر من 1400 عام أوصى رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بالنساء، وفي خطبة الوداع في السنة العاشرة من الهجرة قال: (واستوصوا بالنساء خيراً).. ورغم ذلك ما زال البعض لم تصله الرسالة ولا يكتفي بملء رئتيه بعطر الزهرة الفواح، بل أحياناً يمعن في تمزيقها بلا رحمة ولا شفقة ليحوّل حديقته الغناء شريكة الحياة إلى صحراء جرداء لا تصلح سوى لزراعة الصبار وأشواكه، فتنقص الحياة التي يفترض أن يتممها الرجل بمودة ورحمة، فينكص على عقبيه بعد أن يهتك من يعد أقرب المقربين لها سترها بإيذائها وضربها وتعنيفها. لتؤكد الدراسات أن امرأة من بين ثلاث نساء في الوطن العربي، بل وفي الدول الأجنبية تتعرَّض للعنف المنزلي من أزواجهن، ليطفئ الزوج بنفسه قنديل كوكب حياته مفضلاً الحياة في ظلام جهل دامس يعيد للأذهان بكل وقاحة سيرة الجاهلية الأولى عندما كان يتم وأد البنات أحياء، فيحاول وأد واحة الأمان بلا مودة ولا رحمة وبوحشية تصل حد إسالة الدماء صباحاً وربما عند المساء يطالب بحقوقه الشرعية من تلك التي لم تجف دماؤها بعد، وربما يستشهد وعلى طريقة {لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ} ببعض الأحاديث الشريفة التي يخوّفها بها مثل لعن الملائكة للزوجة التي ترقد وزوجها غاضب عليها، متمسكاً بما له متناسياً ما عليه تجاه زوجته وضارباً بعرض الحائط أن يتقي الله فيها، ممارساً كل أنواع العنف ضد المرأة ليس بالإيذاء الجسدي فقط، بل أحياناً بكلمة تكون حادة أكثر من نصل السكين الذي يجري دماء قلبها أنهاراً ويكبر حزنها حتى يصبح أشجاراً سوداء حداداً على تجاهل وصية خير البرية الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: (رفقاً بالقوارير)، وهي كلمة تتضمن كل معاني السهولة واللين والجمال والتألق والتمهل، وتعبر جيداً عن أنوثة بنات حواء التي قد تهدر وتتفتت كالقارورة المهشمة على يد زوج ظالم لا يدرك معنى المودة والرحمة لشريكة حياته، متجاهلاً أن المرأة لديها ذاكرة قوية لا تنسى الإساءة ولو بلفظ جارح لواح للبشر ولا يبقي ولا يذر من زوجته شيئا.
إن مناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، لم تأتِ لتكون يوماً وحيداً لرفض هذه الممارسات، إنما مناسبة مهمة للتذكير بوجود قضية خاصة بالنساء في كل العام!