د. أحمد الفراج
نواصل الرحلة مع رؤساء أمريكا، وضيفنا اليوم هو الرئيس الرابع للولايات المتحدة، وهو أحد الآباء المؤسسين ومن أهمهم، الرئيس جيمز ماديسون، سليل الأسرة الاستقراطية العريقة، والتي كانت تملك الإقطاعيات الزراعية، وقد انتخب للرئاسة في عام 1908 ، وحكم لفترتين متتاليتين، ولأنه محام بارع، ومثقف من طراز رفيع، من مدرسة الرئيس المفكر، توماس جيفرسون، فهو لُقِّب بـ»أب الدستور»، ولذلك لدوره الرئيسي والكبير في كتابة الدستور الأمريكي، وقد بدأ حياته عضواً في برلمان ولاية فرجينيا، ثم انتخب لمجلس النواب الفيدرالي في عام 1789 ، وكان خلال هذه الفترة مستشاراً مقرّباً من أول رئيس أمريكي، جورج واشنطن، ثم اختاره الرئيس توماس جيفرسون وزيراً للخارجية، وشكَّل معه ثنائياً نادراً من ساسة العيار الثقيل، وبعدها انتخب رئيساً.
بعد أن تسنَّم مهام الرئاسة، كانت بريطانيا العظمى لا تزال تشكِّل تهديداً للدولة الوليدة، التي تحرَّرت من استعمارها، ولذا فقد اتخذ موقفاً حازماً منها، كان من نتيجته توقف بريطانيا عن مهاجمة السفن، وهذا ما جعله يكرِّس معظم رئاسته لتقوية الدولة الفيدرالية، وذلك لتفادي أخطار بريطانيا والإمبراطوريات الأوروبية الأخرى، ورغم أنه ينتمي لطبقة الرؤساء المميزين، ومن أهم الآباء المؤسسين للاتحاد الأمريكي، إلا أنه لم يحظَ بتصنيف مرتفع كما يستحق، فالمؤرِّخون يصنِّفونه من رؤساء أعلى الوسط، وكذا تفعل الاستطلاعات الشعبية، وربما أن سبب هذا التصنيف المجحف نوعاً ما، هو أنه جاء بعد الرئيس جيفرسون، وأكمل مسيرته، وبالتالي حصد جيفرسون التصنيف الأعلى، صمن أفضل عشرة رؤساء، وأصبح ماديسون مجرد نسخة منه في نظر المؤرِّخين!