د. حسن بن فهد الهويمل
كلَّما نَعيتُ زميلاً، أو نُعي لي، أحسست بالغربة، والحزن، ذلك أنَّ الإنسان كائن اجتماعي، حين ينقرض جيله يشعر بالوحشة، المشهد الثقافي يفيض بالشباب الواعد، المتوقد: حماساً، واندفاعاً، وجوه أُحِبّها، وأعلق عليها كل الآمال، ولكنني قد لا أعرف بعضها، وأجد حرجاً في السؤال عنها، حتى إن البعض يمتعض حين أسأله عن اسمه ويقول:- يالله حسن الخاتمه، بدأ (الزهيمر)، لقد رحل العشرات من عمالقة الأدب، والإبداع، والنقد في المملكة، وتركوا في النفس: ألماً، وذكرى، لن أكون مع المُحبطين، الذين يقولون بانتهاء (عصر العمالقة)، في وسطنا الأدبي، والثقافي نرى من سد الخلال، من أدباء ثقَّفوا أنفسهم، وآخرين تعلموا بأروقة الجامعات، في الداخل، والخارج، أرِقْت ذات يوم - وأنا كثير الأرق - ولا تحضرني فيه إلا الهموم، وحين سرحت بدأت أتذكر الزملاء، والأساتذة، والرواد، من أدباء المملكة الذين قضيت معهم أطيب الأوقات، لقد رحلوا، أو أقعدتهم الشيخوخة، فهالتني الكثرة، ترحمتُ على الأموات وسألتُ الله الشفاء للأحياء، أكرر، وأقول:- ما أوده من وزارات: الثقافة، والإعلام، والبلديات، وهيئة الأوسمة الوفاء بحق أولئك، وبخاصة المعوزين منهم، لقد أفنوا: شبابهم، وكهولتهم، وشيخوختهم في خدمة الأدب، والثقافة، وأدركت بعضهم (حرفة الأدب) وحقهم على الجميع: التكريم، وصيانة الكرامة، وحفظ الذكر الجميل، وذلك بمنح الأوسمة، وتسمية الشوارع، والمؤسسات بأسمائهم، ودراسة أحوالهم، وأحوال أسرهم، والعمل على تفريغ بعضهم للإنتاج، أدب الأمة، وثقافتها ثروة قومية، ولا يصونها، وينميها إلا الأدباء، والمبدعون، والمثقفون بالهواية، أما الموظفون فداعمون ليس إلا، أدبنا بخير، ومشاهدنا ثرية، و(ثقافة الكلمة) أحق بالعناية من سائر أنواع الثقافة، وإنشاء وزارة للثقافة مؤشر اهتمام بالكلمة الشاعرة، والفن الرفيع، وحق بناة الأدب، والثقافة: الرعاية، والتكريم، رحم الله الراحلين، ومتّع الباقين بالصحة، والسعادة، ومزيد العطاء، لقد كدت أكون غريب: الوجه، واليد، واللسان.