فضل بن سعد البوعينين
تسلَّمت المملكة رسمياً رئاسة مجموعة العشرين لعام 2020 خلال اجتماع وزراء خارجية دول المجموعة المنعقد في مدينة ناغويا اليابانية السبت الماضي. لحظة تاريخية مهمة، تزامنت مع المتغيرات التنموية والإصلاحات الاقتصادية الشاملة التي تشهدها المملكة في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ ومتوجة للجهود الإصلاحية التي يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وبخاصة في القطاع الاقتصادي.
حدث استثنائي سيسهم في إبراز دور المملكة الدولي، وتأثيرها في الاقتصاد العالمي وسيسهم في تسليط الأضواء عليها خلال فترة الرئاسة، وبخاصة حين انعقاد القمة خلال شهر نوفمبر 2020. أعدت المملكة برنامج شامل لفترتها الرئاسية، سيُطلق في الأول من ديسمبر المقبل، وتعمل على تحقيقه خلال فترة رئاستها الحالية، وهو ما أكده خادم الحرمين الشريفين في خطابه السنوي في مجلس الشورى حين قال: «نأمل أن يسهم البرنامج الطموح الذي وجّهنا بإعداده خلال تولي المملكة رئاسة المجموعة، في تعزيز مسيرتها بما يخدم مصالح الدول والشعوب كافة».
عملت الحكومة جاهدة لتهيئة سبل نجاح اجتماعات فترة الرئاسة، والقمة؛ وتحقيق الاستفادة القصوى منها على جميع المجالات وليس جوانبها الاقتصادية فحسب. وبالرغم من الجهود المختلفة إلا أن الصمت الحكومي كان غالباً على الترتيبات الرسمية والإجراءات المزمع اتخاذها، وربما كان ذلك متوافقاً مع دبلوماسية مجموعة العشرين التي تُحترم فيها فترات الرئاسة الزمنية وبما لا يسمح بالتداخل، أو تشتيت الزخم الإعلامي.
أكثر من 100 اجتماع متوقع أن تستضيفها المملكة خلال عام الرئاسة، تشكل فرصة مواتية لمراجعة التحديات واقتناص الفرص التي يمكن تحقيقها من خلال زيارات الوفود العالمية للرياض. كما أنها ستكون بمثابة اختبار للجهود المبذولة والترتيبات المتخذة لإنجاح القمة في نوفمبر 2020، ما يتطلب وجود جهة مستقلة للمراقبة والتقييم والتدخل من أجل الإصلاح السريع عند الحاجة. لا خلاف على وضوح المسار المالي لدى لجهات المعنية، غير أن المسارات الموازية ومنها الإعلامي واللوجستي والثقافي ربما احتاجت لمراجعة دقيقة، وشفافية أكبر تسهم في طمأنة الجميع.
أحسب أن خلق إستراتيجية إعلامية محكمة للتعامل مع مجريات اجتماعات المجموعة، والتي ستتوج بالقمة، من أهم متطلبات النجاح، ومن المفترض أن تركز على ثلاثة أركان رئيسة؛ وهي إشهار القمة قبل وخلال وبعد انعقادها، وإستثمار فترة الرئاسة وتوافد الوفود الرسمية والإعلامية لعكس صورة إيجابية عن المملكة، وتحسين صورتها المشوهه في الإعلام الغربي.
مواجهة الحملات الإعلامية المتوقعة من بعض الدول والإعلام المعادي وعدم السماح لها بالتأثير السلبي على الاستضافة. خلق مجموعة المرافقين للوفود الإعلامية من السعوديين الأكفاء المدربين سيضمن تعزيز نقل الصور الإيجابية والحد من السلبية قدر المستطاع.
يشكل تواجد الوفود العالمية على مدار العام، وزعماء العالم، حين القمة، والوفود الإعلامية والتغطيات المكثفة فرصة لا تعوض لتحقيق ذلك الهدف، وهو أمر يحتاج إلى إستراتيجية منضبطة تحدد فيها الأهداف وآليات العمل، وتدار بشكل احترافي وفق آليات العمل الإعلامي والتوجيه الدعائي المؤثر.