د. خيرية السقاف
كدبيب النمل, كحشرجة الروح, كخشخشة ورق الخريف,...
كمرور ذرات الغبار على سطوح صقيلة, كشظايا زجاج فوق جلود رهيفة,...
كرمية سهام, ومرمى نبال,..
كالكلمة الجارحة, كالخيانة, كالظلم,
هذه الفجاءة, المدهشة للغرابة في الإنسان, للتناقض فيه, لفسيفساء حقيقته حين تفاجئه, وتواجهه بعجزه...؛
حين يجد نفسه قد فقَد توازنه وهو في علوٍّ يتعثَّر فيسقط جسده دون أن يدري, ولا حيلة له!..
ولحظة أن يستوعب الذي جرى, ويده قد شُجَّت,
ورأسه قد كُدم, ووخزه قد تعالى..
يئن ولا يئن, يضحك ويبكي, من فرط عجزه يسأل:
أنا القوي, المدرك, الفاهم, الحذر, العارف, الحكيم كيف تعثرت وقد كنتُ فطنا, وكيف سقطت من علٍ وقد ملكتُ تهاونتُ بظني؟!..
ما يقول عن وعيه؟!..
أين هي حكمته؟..
كيف انفرط لجام ثقته بنفسه؟!
كيف خذلته قواه, أو تُراه جهله, أو أنه كان مارقاً في الاتكال على قوته؟!..
بعد الإفاقة من دهشة السقوط فالكسور, أو الرضوض؛
يُحرَم الكاتب من الكتابة حين تُصاب يده,
وقدم المسافر حين تتعطَّل ينأى عن المحطة,
والمتأمل حين تُدمى عينه تُخفى عنه فضاءاته..
ورأس المفكر حين يُشج تخفت وقدة الفكرة فيه,
فالسقوط في لحظة غفلة تردٍ بكل المجازات,
وألم ينطق, وألم يوقِظ..
هذا سقوط القالب الذي يحتوي المرء حساً, ووجداناً, ومكنوناً..
وحيث يتناقض عن سقوط آخر, فكل النتائج كمينٌ للإنسان, وبوتقة دلالات!..
فألم الجسد حين يتردى في عثرة غفلة يؤول لأنين, وصبر, وصوت, وصمت,
وآهة تتمادى, ووعكة قد تتشافى..
وإنها للحظة حاسمة للتأمل في خارق غيبي, خارجٍ عن النفس المفخمة بثقتها في ذاتها!..
حين يقول المتألم: كيف؟ وكيف؟ وكيف؟!..
ولا جواب لكيف إلا الامتثال لذلك الخارق الخارج عن قدرته في لحظة سقوط لا نجاة منه..
* * *
ما أقصاني عنكم أعزائي أياماً ثلاثة حالة شبيهة!..