د.عبدالإله ساعاتي
جاء خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- في مجلس الشورى في افتتاح أعمال السنة الرابعة من الدورة السابعة ضافياً عميق المضامين ثاقب الرؤية محدداً الأطر العامة لسياسة المملكة داخلياً وخارجياً.. مجسداً أبعاد دولة المؤسسات التي يتكامل فيها دور السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضاية.. ولقد أكد -حفظه الله- مجدداً ثبات المملكة على تطبيق شرع الله والالتزام بالعقيدة الاسلامية وعلى أسس الوحدة والتضامن والشورى.. مشيراً أيضاً إلى ثبات مواقف المملكة من القضايا الخارجية المطالبة بتبني الحلول السلمية وفق القرارات الدولية سواء في اليمن أو سوريا أو فلسطين.. مؤكدا حفظه الله على ان القضية الفلسطينية تظل قضيتنا الأولى إلى أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة.. وهو موقف مبدئي منذ عهد المؤسس -رحمه الله- مؤكداً مواصلة جهود المملكة المشرفة في نصرة الشعب اليمني العزيز والجهود الكبيرة التي بذلتها المملكة على المستوى السياسي والإنساني وتواصل المساعدات لليمن من خلال البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن. منوهاً حفظه الله بتوقيع اتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي.
كما أشار إلى استمرار النظام الايراني في ممارساته بالتدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى ودعم قوى الإرهاب.. مطالباً المجتمع الدولي بوضع حد لبرنامج النظام الإيراني النووي ووقف تدخلاته السافرة في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. وقال حفظه الله.. إن على النظام الإيراني أن يدرك أن المملكة في الوقت الذي لا تنشد فيه الحرب إلا أنها على أهبة الاستعداد للدفاع عن شعبها بكل حزم ضد أي عدوان.
وأكد حفظه الله حرص المملكة البالغ على مكافحة الإرهاب محلياً ودولياً.. معززاً بذلك واقع المملكة ودورها الريادي في محاربة الإرهاب على مستوى العالم.. حيث قال حفظه الله: يحق لنا أن نفخر اليوم بنجاح بلادنا في القضاء على مظاهر التطرف.. ليعود الاعتدال والوسطية سمة تميز المجتمع السعودي.
وفي ذات الوقت أكد خادم الحرمين الشريفين على حرص المملكة على شراكاتها الاستراتيجية مع الدول الصديقة لما فيه الصالح المتبادل.. وعلى التزام المملكة بدورها القيادي والتنموي في المنطقة بما يزيد من فرص الاستثمار.
وأشار إلى ترؤس المملكة رئاسة مجموعة العشرين خلال العام القادم وتوجيهه بإعداد برنامج طموح لهذه القمة.
كما أكد - حفظه الله - على مواصلة دور المملكة في تعزيز الاقتصاد العالمي ونموه بما في ذلك استمرار السياسة النفطية المعتدلة.
وفي الشأن الداخلي تحدث خادم الحرمين الشريفين عن الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة بضيوف الرحمن.. مشيراً إلى (برنامج ضيوف الرحمن) وأنه على رأس أولويات برامج رؤية المملكة 2030 لإتاحة الفرصة لعدد أكبر من المسلمين لأداء الحج والعمرة.. كما أشار إلى مشاريع توسعة الحرمين التي تعتبر الأضخم في التاريخ من أجل التيسير على ضيوف الرحمن..
وأشار الملك المفدى إلى المكتسبات الحضارية والتنموية التي تحققت للبلاد والتي قادت إلى تبوؤ المملكة مكانة عالمية مرموقة على كافة الأصعدة..
مؤكداً على أن المواطن هو أساس التنمية وهدفها في آن معاً.. وعلى الاستمرار في تمكينه وتنميته وتطوير قدراته.. الأمر الذي يعكس نظرة مستقبلية ثاقبة من خادم الحرمين الشريفين.. ذلك أن متغيرات متسارعة وتطورات تقنية عالمية هائلة.. حيث دلفنا في أتون الثورة الصناعية الرابعة التي تستلزم مؤهلات جديدة لوظائف حديثة مستجدة.
وأكد -رعاه الله- على المضي قدماً في تنفيذ برامج رؤية المملكة 2030 لما فيه خير الوطن والمواطن.
كما أشار خادم الحرمين الشريفين إلى استمرار الدولة في تنفيذ خطط تطوير أجهزتها لضمان سلامة إنفاذ الأنظمة والتعليمات وتلافي أي تجاوزات أو أخطاء.. وهذا التوجه الهام يدعو إلى تبني تطبيقات عالية في مفاهيم الجودة والحوكمة.
كذلك أكد خادم الحرمين الشريفين على توجهات ثابتة فيما يخص تمكين المرأة السعودية ودورها التنموي وحقوقها الكاملة.. التي تحمل مفاهيم العدالة والمساواة المنبثقة من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف بما يحفظ للمرأة السعودية حقوقها الكاملة.. ونساؤنا يمثلون نصف المجتمع.. مشيراً باعتزاز لارتفاع نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة من 19.4% بنهاية عام 2017 إلى 23.2% بنهاية النصف الثاني من عام 2019.
وأكد -حفظه الله- على الحرص والاهتمام بتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة.. مشيراً إلى ارتفاع أعداد هذه المنشآت هذا العام بنسبة 13%.. كما تحدث عن اهتمام الحكومة بزيادة نسب تملك المواطنين للمساكن حيث ارتفعت بنسبة 2% بزيادة بلغت (165) ألف مسكن مملوك. وتحدث المليك عن النمو في قطاع الاتصالات منوهاً بتحقيق المملكة المرتبة الثانية في قائمة مجموعة العشرين لمجموع تخصيص النطاقات الترددية.. ونجاحها في وصول خدمات الألياف البصرية إلى 2.5 مليون منزل.
وتحدث عن التعليم مشيرا إلى إنشاء مركز المناهج وصدور نظام الجامعات الجديد وارتفاع عدد الجامعات الأهلية إلى 14 جامعة.. والسماح بالاستثمار الجامعي الأهلي.. كذلك تحدث عن اهتمام الدولة الكبير بالارتقاء بجودة الخدمات البلدية.. مشيراً إلى المشاريع التنموية الكبرى مثل مشروع حديقة الملك سلمان ومشروع الرياض الخضراء.. مؤكداً أنها بداية انطلاقة لمشاريع كبرى أخرى في مختلف مناطق المملكة.
وبلغة الأرقام تحدث المليك المفدى عن الوضع الاقتصادي حيث أشار إلى ارتفاع معدلات الإيرادات غير النفطية بنحو 15% وانخفاض معدلات البطالة ونمو الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 3%.
وأكد -سلمه الله- على دور القطاع الخاص ومواصلة دعمه وتمكينه كشريك فاعل في التنمية.. مشيداً بالجهود الكبيرة التي بذلتها المملكة في تسهيل ممارسة الأعمال للقطاع الخاص.. حتى صنفت المملكة مؤخرا من أكثر الدول تقدماً والأولى إصلاحاً من بين (190) دولة حول العالم.. حيث تقدمت المملكة (30) مرتبة في مجال سهولة الأعمال كإحدى ثمار العمل القائم لتحقيق رؤية 2030.
ونوه المليك ببرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية أهم وأكبر البرامج التنفيذية لرؤية المملكة 2030 ووضع حجر الأساس لمشروع مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك).. تأكيداً للعزم على أن تكون المملكة مركزاً عالمياً رائداً للطاقة والصناعة والتقنية ومنصة عالمية للخدمات اللوجستية.
وأشار خادم الحرمين الشريفين إلى إعلان المملكة عن طرح جزء من أسهم أرامكو للاكتتاب العام الأمر الذي يتيح للمستثمرين من داخل وخارج المملكة المساهمة فيها.. الأمر الذي سيؤدي إلى جلب الاستثمارات وخلق آلاف الوظائف وإحداث نقلة نوعية في السوق المالية السعودية.
وختاماً.. أكد -حفظه الله- على الدور الهام الذي يضطلع به مجلس الشورى كسلطة تشريعية ورقابية.. ووجه شكره لرئيس وأعضاء المجلس على الجهود الكبيرة والعمل المستمر.. راجياً من الله أن يكلل جهود المجلس بالتوفيق.