فضل بن سعد البوعينين
تنبهت المملكة مبكراً للدور الحيوي الذي يلعبه الإعلام في تشكيل الرأي العام، وتأثيره على المجتمعات، وقدرته على دعم الجهود التنموية ما حملها على ضخ استثمارات نوعية في وسائله المتعددة. وبالرغم من بروز بعض الصحف والقنوات الفضائية المملوكة لمستثمرين سعوديين، وإمكانية استغلالها للتوجيه المؤثر، إلا أنها التزمت بسياسة إعلامية منضبطة ومتوافقة مع السياسة السعودية القائمة على التوافقية والإصلاح واجتماع الكلمة.
الأكيد أن صناعة الإعلام تحتاج إلى خليط من المستثمرين والإعلاميين والفنيين والإستراتيجيين وصناع الأمن والسياسة، وإن اعتقد المتلقي غير ذلك، وتصنع الإعلاميون بأحقيتهم وسيطرتهم على المشهد العام. وهذه حقيقة يفترض أن يواجهها ويعترف بها الجميع للوصول إلى قوة التأثير المطلوبة، والاستدامة المالية، والوهج الإعلامي المتجدد. أحسب أن مكونات خليط الصناعة الإعلامية هي التي ضمنت لمنظومة الإعلام الصهيوني الهيمنة التامة على المجتمعات الغربية حتى أصبحت المتحكم في تنصيب الرؤساء وإسقاطهم، وتشكيل البرلمانات وسن التشريعات وإشعال الحروب وإخمادها.
صناعة الإعلام تحتاج إلى قيادة محترفة، ورؤية إستراتيجية شاملة، واستثمارات نوعية، وانفتاح وحرية مسؤولة تعزز ثقة المتلقي، وإبداع يواكب متغيرات العصر، واستثمار للأدوات والوسائل الحديثة التي أثرت سلباً على الوسائل التقليدية المعتادة. التفكير بصوت مرتفع من خلال المؤتمرات والمنتديات المتخصصة، وبصوت خافت من خلال اللجان العليا المسؤولة عن رسم السياسات الإعلامية يسهم في دعم الصناعة الإعلامية وإعادة هيكلتها بما يتوافق مع المتغيرات السريعة والاحتياجات المُلحّة.
احتضان الرياض لمنتدى الإعلام السعودي الذي يشارك فيه أكثر من 1000 إعلامي وخبير متخصص من داخل المملكة وخارجها، يمثلون 32 دولة، سيسهم في دعم الصناعة الإعلامية وفق رؤية متخصصة ومشاركة بين القطاعات الحكومية والخاصة والخبراء ورجال المال والأعمال.
حدث إعلامي مهم واستثنائي يفتح الباب لمناقشة كل ما يهم الصناعة الإعلامية، ويضع الفرص والتحديات أمام الإعلاميين والمستثمرين والحكومات أيضاً التي يفترض أن تكون شريكاً موازياً في الصناعة الإعلامية، حيث يعتبر الإعلام الأداة الأقوى في الإصلاح والمواجهة وبناء المجتمعات وحمايتها.
يعكس حجم المشاركة الكبيرة في المنتدى الاهتمام بصناعة الإعلام، والرغبة في الاطلاع على مخرجاته، وما يحدث من متغيرات مهمة وإصلاحات نوعية في المملكة، والوقوف على التطورات الإيجابية التي باتت محوراً لوسائل الإعلام.
مشاركة وزراء وشخصيات دولية وإعلامية كمتحدثين، سيزيد من وهج المنتدى وأهميته ونوعية مخرجاته المتوقعة؛ خاصة مع وجود وزراء المال والاستثمار ورجال الأعمال الذين يشكلون القوة الاستثمارية الداعمة للصناعة الإعلامية.
سيتحول منتدى الإعلام السعودي، الذي يقام تحت مظلة هيئة الصحافيين السعوديين؛ بإذن الله إلى منصة مهمة لتعزيز الصناعة الإعلامية، والتجمع المتخصص، وقد يسهم في إيجاد حلول مهمة للتحديات التي تواجهها الصحف اليوم، أو الإعلام التقليدي بشكل عام، كما أنني أجزم بدور المنتدى المهم في تعزيز «الدبلوماسية الناعمة» السعودية، وإعادة وهجها كنتيجة مباشرة للإصلاحات المهمة التي أحدثتها القيادة، والمؤطرة برؤية 2030 التي تركز على دور المملكة المحوري في المنطقة، ومسؤولياتها تجاه العالمين العربي والإسلامي وتحقيق الأمن والسلام والازدهار في المنطقة.