فهد بن جليد
حرب (البرجر) امتدت على مدى عقود طويلة، وكان لها موقعتان شهيرتان، الأولى برفض الثقافة الأمريكية التوسعية من قِبل ثقافات عالمية (منغلقة) خشية من انتشارها باعتبار مطاعم الوجبات الأمريكية غزوًا ثقافيًّا، وموقعة داخلية أخرى بين المطاعم الأمريكية ذاتها في أحقية استخدام المسميات والمكونات لبعض الأنواع الخاصة. أسوار الموقعة الأولى آخذة في الانهيار تدريجيًّا مع عولمة الطعام وحياة الشعوب التي بات فيها التنافس على أشده بين المطابخ العالمية، بعد أن أصبح لكل مطبخ بلد شهرته الخاصة، وصارت ثقافة الطعام رسالة حب وسلام للعالم، وأصبحت الشعوب تفصل بين قوائم الطعام ونكهاته، والمواقف السياسية للبلدان. ولعل أشهر المواقف هي إبداء كوريا الشمالية حُسن النية في مفاوضاتها مع أمريكا بالتفكير في السماح لافتتاح فروع لسلسلة مطاعم البرجر الأمريكية الشهيرة.
لكل مجتمع طعامه ومطبخه الخاص الذي يُعرف به عالميًّا. الأمثلة كثيرة: (المطبخ الهندي، الإيراني، التركي، الفلسطيني، الأرمني، الإيطالي، الياباني، والصيني... إلخ). هذه المطابخ أصبحت ثقافة عابرة للحدود. أتمنى أن يفكر رجال الأعمال لدينا بالبدء بمشاريع سعودية عالمية وعملاقة مماثلة؛ لتصبح المطاعم والمطابخ المحلية عابرة للقارات أيضًا؛ فنحن نملك مقومات لنكهات وأغذية رائعة وجيدة؛ علّه ينتشر جزء مهم من ثقافة وحياة الأجيال السعودية المتعاقبة. المجال رحب وواسع لدعم بعض الأكلات والأطعمة السعودية الشعبية والتراثية التي تحوي قيمة غذائية، وخصوصية في الصنع. ويتبادر للذهن ذكر بعض المطاعم السعودية التراثية التي أصبحت مقصدًا للسياح القادمين للمملكة من الجنسيات كافة، ولم أستغرب عندما وجدتُ أحد الفرنسيين في مطعم شعبي سعودي شهير بالرياض، وبعد أن تبادلتُ معه الحديث اكتشفتُ أنه عرف المكان من الإنترنت، وبعدها سأل سائق سيارة (أوبر) ليدله؛ وهذا يدل على أهمية التسويق الإلكتروني.
قبل سنوات عدة كتبتُ هنا مقترحًا بجعل مطعم (البيك) أيقونة سعودية؛ كونه من مطاعم (الوجبات السريعة) ذات الشهرة والسمعة الواسعة؛ فاسمه ارتبط في ذاكرة الحجاج والمعتمرين والزائرين لبلادنا؛ لذا أعتقد أن هذا المشروع أيقونة سعودية بالفعل، ولم يعد مشروعًا خاصًّا؛ علَّه يفتح الأبواب أمام المطبخ السعودي للانتشار أكثر، ونقل جزء لم ينتشر بعد من ثقافة بلادنا للعالم بعيدًا عن الكبسة التي شاركتنا فيها شعوب كثيرة!
وعلى دروب الخير نلتقي.