مصعب الداوود
من المعلوم أن الذات الإنسانية تتكون من مكونات عدة، هي أربعة مكونات (الجسد والروح والعقل والعاطفة). ومن الأهمية بمكان أن يكون هناك توازن بين تلك المكونات؛ فلا يطغى مكون على مكون آخر. ولكل مكون أهميته وتأثيره على الإنسان.. فعلى سبيل المثال تكمن أهمية الجسد في صيانته من الأمراض، والاهتمام بالغذاء الصحي المتوازن، وتكمن أهميته في أنه يرفع المستوى الصحي للإنسان؛ وبالتالي يستطيع الإنسان ممارسة حياته وأنشطته الحياتية من دون منغصات أو مؤثرات.
أما بالنسبة لمكون الروح فهو الأهم من جميع تلك المكونات؛ لأنه يهتم بالجانب النفسي للإنسان؛ إذ يعطيه الدعم المعنوي عندما تقل فاعلية الجسد، أو عندما يختل تركيبه عند تعرضه لإعاقة أو نحوه. ومن المعلوم أن جانب الروح يغذَّى بالإيمانيات والرقائق والمواعظ؛ ولذلك نرى أن المسلمين الذين يعتبرون أفضل البشر روحيًّا تقل عندهم نسبة الإصابة بالأمراض النفسية مقارنة بغيرهم من الديانات الأخرى. ودائمًا ما تذهلنا الإحصائيات عن نسبة الانتحار في الدول الاسكندنافية التي تعتبر من أرقى الدول ظروفًا معيشية، بينما تقل نسبة الانتحار في بعض دول إفريقيا المسلمة رغم معاناتها من الجوع والحروب والفقر؛ وذلك راجع إلى أن الجانب الروحي أعلى عند الأفارقة من الاسكندنافيين الذين لم يهتموا به، بل اهتموا بما ينفع الجسد فقط.
أما بالنسبة للمكون الثالث فهو العقل، وما أدراك ما العقل؛ فهو الآلة التي تميز الإنسان عن الحيوان، وهو الأساس الذي تقوم عليه الشعوب من نهضة أو حضارة أو تقدم. وينمو العقل دائمًا بالاطلاع والتفكر ومقابلة أصحاب الهمم وقراءة سيرهم. ويمكن القول إن العقل ينمو ولا يتوقف نموه إلا إذا توقف الشخص عن العطاء المعرفي والفكري. ومن خلال العقل نستطيع إبداء الرأي وحل المشكلات وتحديد أفضل البدائل وفن اتخاذ القرار.. إلى غيرها من الأمور التي لا يستنكف العقل عن القيام بها.
ولننتقل إلى آخر مكون، وهو العاطفة. ويمكننا القول إن العاطفة هي المكون الذي يسير جنبًا إلى جنب مع مكون العقل.. فكما أن هناك ذكاء عقليًّا، يتمثل في الإبداع والابتكار وفن اتخاذ القرار، فإن هناك ذكاء عاطفيًّا، يعده المتخصصون أعلى أهمية من الذكاء العادي؛ لأنه يحسن من مهارات التواصل مع الآخرين، وكذلك يطور من القدرات الذاتية من خلال استخدام قواعد الوعي الذاتي؛ وبالتالي فإنه يضمن نجاحًا هائلاً إذا عرف الإنسان متى يستخدم مشاعره وعواطفه مع نفسه والآخرين، ومتى ما عرف نقاط القوة ونقاط الضعف، ويحاول دومًا معالجتها وتطويرها بالشكل الأمثل.