عمر إبراهيم الرشيد
للإحسان والفعل الإنساني أثر نفسي على المحسن والمحسن إليه على السواء، ولا عجب إِذ ينتاب فاعل الخير صادق النية حتى غير المسلم شعور غامر بسعادة وسلام داخلي لا مثيل له. عجبت حين قرأت قبل أيام عن مغنٍ أمريكي شهير (جون جوفي) الذي حول مع زوجته قبل عدة سنوات ورشة سيارات إلى مطعم يقدم وجبات مجانية للمعوزين. وفكرة هذا المشروع تقوم على جهود هذين الزوجين وتبرعات زبائن المطعم المقتدرين، حيث يطلب منهم دفع عشرين دولارًا للوجبة، ومن لا يرغب في الدفع النقدي فعليه المساعدة في غسل الأطباق وخدمة زبائن المطعم المحتاجين. فكرة بسيطة وعملية لكن تأثيرها عظيم، فالمطعم لا يرد أحدًا من الفقراء أو المشردين، وفي المقابل هناك إقبال كبير من الجمهور عليه لأن صاحبه مغنٍ شهير نال عدة جوائز، ولأن الجمهور قدر هذا المشروع الإنساني ورغب بالمشاركة في هذا العمل الإِنساني. وحقيقة فالمجتمعات على اختلاف أديانها وثقافاتها تقدر العمل الإنساني متى ما أدركت صدق نوايا فاعلها. والجميل في طبيعة تشغيل هذا المطعم أنه قائم على التطوع والعمل الجماعي إما بالدعم المالي بدفع ثمن الوجبة، أو العمل في المطبخ وخدمة الزبائن، ولنا أن نتصور تأثير العمل على الطرفين كما قلت. ولا يخفى أن ثقافة التطوع ومجالاته واسعة في المجتمع الأمريكي والغربي عمومًا، أما نحن فالإحسان من مراتب الإيمان في ديننا الإسلامي {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيتيمًا وَأَسِيرًا} سورة الإِنسان. إلا أن العمل التطوعي العام أو الجماعي أو المؤسسي لم يكن ظاهرًا لدينا إنما بدأ بالانتشار مع برامج التحول الوطني. أعود إلى تأثير القدوات والشخصيات العامة، والنجوم سواء في الرياضة - وهي الأكبر في رأيي في وقتنا الحاضر - أو الفن أو الاقتصاد وغيره من المناشط الإنسانية، وأقول لدينا مشاهير يبادرون مع جهات عامة وخصوصًا للعمل الخيري والله سبحانه كفيل بجزائهم وشكرهم، إنما ينقص كثيرًا منهم حسن إدارة تلك المبادرات وتأثيرها الإيجابي على الشباب الذين يتأثرون ويقتدون بهم، فيتعاظم نفع أي مبادرة وعمل خيري على أكبر شريحة ممكنة من المعوزين والمحتاجين. كم نرى من نجوم كرة وفن يتقاضون أجورًا ومرتبات يحلم بها وزراء، لكننا لا نرى مشروعات خيرية يمكن أن يشاركهم المجتمع في ادارتها وتشغيلها، لشهرتهم وتأثيرهم الاجتماعي، أكثر بكثير وهذا واقع مع الأسف، من تأثير المثقفين والأكاديمييوالأطباء مع حاجة المجتمع والبلد لكل هؤلاء جميعًا، طابت أوقاتكم وإلى اللقاء.