غاب عن المشهد الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين بعد معاناة مع أمراض الشيخوخة لم تمنعه من المشاركة حتى أواخر أيامه عبر الكتابة الصحفية المركزة في المناسبات التي تستدرج قلمه، وخص الجزيرة بكثير من إسهاماته كما اهتماماته، وقد تُوجت مسيرتُه الحافلة -رحمه الله- بتكريم الوطن له بمنحه وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى في مهرجان الجنادرية (2018م)، حيث قلده الوسام خادمُ الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- في احتفال مشهود، كما قُدمت عنه ندوة ضمن برنامج المهرجان، واحتفى به الوسط الثقافي قبل ذلك وبعده في مناسبات مماثلة كفاءَ ما قدمه الأستاذ أبو وديع على مدى عقود منذ قدومه إلى المملكة وإقامته في المدينة المنورة مرورًا بتأسيس جريدة الأضواء في الخمسينيات الميلادية من القرن الماضي، وإمضاءً غنيًا لسيرته برئاسة نادي جدة الأدبي الثقافي خلال مرحلة صعبة من تأريخ ثقافة الوطن تزامنت مع صراع الحداثة والصحوة، وكان لحكمته ووسطيته واعتداله دورٌ في اعتلاء النادي المشهد الثقافي المحلي، وتميزه بإصدارات نوعية في شؤون التراث والقصة والقصيدة والنقد، لعل من أبرزها: علامات وجذور والراوي وعبقر، مثلما صدرت له مؤلفات عديدة، أبرزها ما خص به سيرته، ومنها: الفتى مفتاح سيرة ذاتية، وتلك الأيام، أمواج وأثباج، الصخر والأظافر، هؤلاء عرفت، أيام في النادي، وسواها.
رحم الله الأستاذ الكبير عبدالفتاح أبو مدين؛ فقد قدَّم وتقدم، وبذل فنال، وبقي اسمُه وسمًا في تأريخ الحركة الثقافية السعودية على امتداد عقود التأسيس حتى زمن المأسسة، و«الجزيرة» -التي سبق أن كتبت عنه في حياته- تعزي بنيه وذويه ومحبيه بعد وفاته، وتدعو له بالرحمة والرضوان، و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.