«الجزيرة» - عوض مانع القحطاني /تصوير - فتحي كالي - محمد الفرج:
أجمع عدد من الإعلاميين المشاركين في منتدى الإعلام السعودي بأن البلدان القوية لا بد أن يكون لديها إعلام قوي وشفاف، واختيار أصحاب الخبرات القوية في صناعة المادة الإعلامية المؤثرة، من خلال صناعة إعلام قوي عبر هذه الكوادر المؤهلة، لأن العالم أصبح فيه تغير جذري ويتطلب منا إيجاد إعلام جديد لمجابهة ما تعانيه الدول من سلب حقوقهم وقضاياهم خاصة في الدول العربية..
وكانت العاصمة الرياض قد شهدت أمس انطلاق أعمال منتدى الإعلام السعودي في نسخته الأولى تحت شعار «صناعة الإعلام.. الفرص والتحديات»، وذلك بحضور نخبة من الخبراء وقادة الإعلام والفكر ومشاركة أكثر من ألف إعلامي من 32 دولة. ويناقش المنتدى على مدى يومين من خلال أكثر من 50 جلسة وورشة عمل، قضايا صناعة الإعلام بمختلف أشكاله المرئي والمسموع والمطبوع والرقمي، وتستعرض التجارب المحلية والدولية وتحديات الرسالة الإعلامية في ظل التطور التقني المتنامي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي والحضور الرقمي الطاغي على المشهد، إلى جانب تسليط الضوء على تجربة البرامج الحوارية وما تحظى به من قبول وما تواجهه من إشكالات ومتطلبات النجاح المهنية والقضايا المتعلقة بالأداء والمصداقية ومحاربة الإشاعة، وتأثير ذلك على مجمل الأحداث.
كما يستعرض المنتدى الاستثمار الإعلامي وإيرادات الإعلانات وغيرها من القضايا ذات الأهمية والارتباط بالساحة الإعلامية والتحديات التي تواجهها.
وقال المتحدثون في الجلسة الافتتاحية الأولى التي أدارتها الإعلامية الدكتورة أمل الهزاني، وشارك فيها كل من وزير خارجية ليبيا السابق الأستاذ عبدالرحمن شلقم، والأستاذ سعود كاتب وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية العامة، والإعلامي السعودي الدكتور علي الموسى، والدكتور ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات بجمهورية مصر العربية.
وقال الوزير شلقم: «نحن نقدر للمملكة هذه البادرة التي سعت لها هيئة الصحفيين السعوديين بدعوة قادة الفكر الإعلامي في العالم.. والمملكة سباقة لجمع الأمة. وقال: الأمة في الوطن العربي في الستينيات كانت الأمية عالية، ولكن اليوم أصبحنا أقوياء لأننا تعلمنا وأصبحنا أمة قارئة متعلمة تسابق الزمن، وعلينا أن نستغل ونوظف ثقافتنا وإعلامنا لخدمة قضايانا، والتقنية موجودة وأصبحنا في عصر التنوير، وأصبح هناك متغيرات وبشكل سريع في مجال الإعلام والمحتوى متنوع ومتغير.
وأضاف سعود كاتب أن ظهور الإنترنت غير صناعة الإعلام بشكل كامل، وحتى تصل رسالتنا المتميزة لملايين البشر لا بد من تضافر الجهود بين الدول واستقطاب الكفاءات المتميزة، خصوصاً أننا أصبحنا اليوم نعيش مرحلة جديدة مع الإعلام الجديد من خلال التحليل والصورة والنص وأصبح لدينا إعلام جماهيري قوي.. ولا بد أن يكون هناك نقلة نوعية حتى نصل للعالم الآخر.. لأننا عندما نغيب عن قضايانا سيكون هناك ضرر كبير لنا خصوصاً في العالم العربي.. وسلاحنا إعلامنا لتغيير النظرة.. وعدم الرجوع للإعلام القديم لأننا لو رجعنا إليه لتأخرنا عن مواكبة العالم.
وقال ضياء رشوان إن المؤسسات الإعلامية للدول هي التي تضخ الأخبار والتحليلات والمحتوى، ولذلك لا بد من صناعة إعلام جديد يواكب ما يحصل في العالم، خاصة أن الوسائل أصبحت موجودة لدينا وبكثرة.. ولا بد للمؤسسات الإعلامية التقليدية أن تواكب الإعلام الجديد.
نريد إعلاماً قوياً يتحدث عن قضايانا المهمة والأمة، خاصة أن هناك من يستغل هذه المنصات لتحريك أهدافهم الخبيثة ضد الشعوب والأوطان، ولكن الإعلام اليوم أصبح واعياً، ولا بد أن يحمي الأمة، وعدم الانجراف وراء بعض السلوك من تحريض الجماهير من قبل أشخاص أو حتى دول لا يريدون الخير للأمة العربية والإسلامية.
وتحدث الدكتور علي الموسى عن الموت، فقال إن هناك وسائل إعلامية سوف تموت بسبب مواقع التواصل الاجتماعي، وستموت معها أشياء كثيرة، وأن هناك 30 ألف وظيفة بالعالم تموت يومياً بسبب الاعتماد على الآلة، وقد تموت الصحيفة ومعارض الكتاب والأندية الأدبية مع الدخول إلى عالم الإنترنت.. وقواعد التواصل الاجتماعي مات معها كثير من الكتاب المرموقين.. أعلن موت الداعية والخطبة.. ولذلك لا بد من مواكبة الإعلام الجديد حتى لا يصبح لدينا أمية، ولا بد أيضاً أن نحافظ على صحافتنا ونعمل على تطويرها ونحافظ عليها.. عقب ذلك دارت مناقشات عامة حول الجلسة الأولى.
وفي الجلسة الثانية ألقى الأستاذ نبيل الحمر مستشار جلالة الملك حمد آل خليفة للشؤون الإعلامية كلمة قال فيها: نقدم شكرنا الجزيل للملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وقال إن المملكة هي مصدر إشعاع لكل عمل يخدم العالم.. ونحن نشاهد هذا الملتقى الإعلامي غير المسبوق على أرض المملكة الذي يؤكد بأن المملكة سائرة وبكل قوة لتطوير منظومة الإعلام بشكل كامل.. خاصة أننا نريد هامات وقامات إعلامية متواجدة من أنحاء العالم.. ولها خبراتها ومدارسها.
وقال الحمر إن الأمور تتطلب مجابهة من يريدون الشر بدول المنطقة، وعلينا أن نتعامل ومن خلال وسائل حديثة بإبرار جهودنا وتعاضدنا مع بعضنا البعض من خلال صناعة إعلام جديد وبناء الصحافة بكل اقتدار، وهو أكبر تحديات تواجهنا في دول المجلس والدول العربية.. ولكن هذا الملتقى سوف تذوب هذه التحديات.
بعد ذلك ألقى الأستاذ منصور إبراهيم المنصور مدير عام المجلس الوطني للإعلام بدولة الإمارات العربية المتحدة كلمة قال فيها: علينا أن نواجه الإعلام المشبوه والمغرض بكل إمكاناتنا، وأن نطور عملنا وإعلامنا ونواكب الإعلام الجديد.. حتى تبرز قضايانا ولأنه لا أحد يستطيع إيقاف عجلة تطور وسائل التواصل الاجتماعي خاصة أن هناك تحديات لابد من معالجتها.. وتعمل على إصلاح الأمور قبل فوات الأوان.. ونغير سلوك من يسيئون في هذه المواقع خاصة أن بعضهم لديه عادة سيئة لنشر الأفكار المضللة ونشر الإشاعات.
والجلسة الثانية والتي إدارتها نشوى الرويني وشارك فيها كل من الإعلامي الكويتي بركات الوقبان والإعلامي علي العليان والإعلامي وائل الإبراشي إعلامي مصري، والإعلامي معتز الدمرداش، وأكدوا أنه يتطلب إيجاد إعلامي جديد قوي يستطيع أن يشبع رغبات الجماهير، وأن تكون هناك مصداقية وشفافية، ويجب عدم نشر الآراء التافهة التي لا تحقق لأوطاننا إلا كل شر وأن نجابه ما يثار حولنا من إشاعات وأفكار مضللة.
وقالوا إن تطور الدول ونجاحها لا يتحقق إلا من خلال إعلام قوي وشفاف، وهذا ما سوف يكون من خلال هذا الملتقى، ولابد من وجود كفاءات وخبرات تعمل في مجال الإعلام وعدم السماح لمن لا يملكون الخبرة بعدم الدخول في مجال الإعلام، كما أن إنشاء برامج متنوعة أمر مطلوب ويجب أن نعمل من خلال إعلامنا الجديد على إنشاء برامج حديثة تظهر النقلة الحضارية في بلداننا، لأن البلدان القوية هي من تعتمد على الإعلامي المتطور حيث إن هناك تحديات تواجه الشعوب وعلينا مجابهتها بكل قوة.. وقد أثنوا على جهود المملكة من خلال وجود قنوات ومواقع ووسائل إعلام حديثة قادرة على الدفاع عن مصالح الأمة.
وعن «دور الصحافة في قيادة التغيير» قدمت مديرة الأخبار بالإذاعة الوطنية النرويجية هيليا سولبيرغ كلمة تناولت فيها تأثير الإعلام بأنواعه على عقليه الأفراد في مختلف الأزمان ليصل إلى تشكيل نمط حياة الأفراد، وقالت: «هي ليست مجرد أداة معرفية تنقل الأخبار أو أداة تواصل وتروح، وإنما أداة فعالة في تشكيل السلوك والتغيير على أصعدة عدة». وقد شهد المنتدى عدداً من الجلسات المسائية التي تناولت كثيراً من محاور المنتدى.
جلسات المساء
وقد تواصلت جلسات المنتدى من خلال عدة جلسات عن دور الإعلام في تعزيز التعايش الإنساني شارك فيها كل من عيسى الغيث، والأستاذ فيصل المعمر، والأستاذ سمير عطالله، والدكتور عايد المناع، والأستاذ خالد المدخلي، كما تلا ذلك جلسة بعنوان: تأثير الصور في رواية الأحداث، لآمال بين رئيس منطقة الشرق الأوسط- وكالة الصحافة الأوروبية، كما تم طرح محور آخر وهو: التحول الرقمي والحوارات الجديدة في المجتمع، للأستاذ عثمان سلطان من دولة الإمارات العربية المتحدة، كما تم عرض موضوع آخر تحت عنوان: مسؤولية الصحافة في الأخبار السريعة في العالم الرقمي لرئيس تحرير مجلة جرازيا الإيطالية، كما تم طرح موضوع: إلى أين نتجه.. ميزانيات الإعلانات ومن الرابح؟، للأستاذ محمد الخريجي، ونبيل بكر، وخالد الراجحي، والدكتور عبدالله بانخر.
وكان من ضمن الجلسات المسائية يوم أمس موضوع: ولد ملكاً.. القصة غير المرؤية، وموضوع: كيف تفوز عندما يكون التحدي مستمراً، كما بحث المنتدى موضوع: قمة العشرين، من خلال د. فهد المبارك وزير الدولة، والأستاذ طلعت حافظ.
وتم طرح موضوع: الحوكمة الفاعلة لتقرير الشراكة المستدامة مع القطاع الخاص، للأستاذ محمد الجدعان وزير المالية، والأستاذ حمد المحمود إعلامي، بالإضافة إلى موضوع: الحضور السعودي المهم في خارطة الاستثمار الدولي، لمعالي الأستاذ ماجد القصبي وزير التجارة، كما ألقيت محاضرة عن الإعلام السعودي- المرحلة الجديدة، لوزير الإعلام الأستاذ تركي الشبانة، والإعلامي عبدالله المديفر، كذلك عقدت جلسة عن: الرياضة السعودية ومتطلبات المرحلة نحو صناعة منتجة، للأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل رئيس هيئة الرياضة، كما كانت هناك جلسة للدكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي تحت عنوان: «الإسلاموفوبيا.. أزمة فكر أم أزمة إعلام؟».