اليوم.. في حضرة البيعة الخامسة.. على كامل مساحة وطن مختلف، لأنه سماء الأرض، وأرض السماء، يحاول القلم الكتابة، ويتهجى النبض الإملاء، لعلّ مقاربةً ما تصل بالقلب إلى المعنى، أو لعلّ معنًى ما يصطادُ القلبَ، فيسقيه رشفةً من أغنية الرمال، أو لحنًا من مقامات النخيل.
اليوم.. في حضرة شعب مختلف، لأنه عربي النسب، سماويّ الرسالة، تتجوّلُ الحياةُ بأبهى لوحاتها، وتتعانق المحبة بأشهى مفرداتها، لعلّ عزمًا ما شاردًا، فيأوي إلى سواعده، أو لعلّ ساعدًا ما يستدرج عزّةً، فيرقمها مجدًا في قائمة لا تنتهي، وولاءً في سِفرٍ بلا حدود.
هنا.. بين كل إمساء وإصباح، وشفق وأصيل، وعلى مسامع زمن غارقٍ حتى ثوانيه في الإبداع، فيما يقرب من مليونين ونصف كيلو متر مربع، يتربّعُ وطن اسمه المملكة العربية السعودية، ويزهو شعب اسمه الشعب السعودي، تجاذب أشمغته الحمراء رايته الخضراء المحبة، ويدوّن ملحمة العطاء والوفاء والولاء، بشغفٍ على خدود السّعف، وبجمالٍ على جسد الرمال.
هنا.. في يوم البيعة الخامسة لمولاي خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله -، تتدلّى الحروف عذوق أبجدية أخرى، ويجري الكلام أنهار مداد آخر.. فطوبى للسطور التي تحملنا وفاء وولاء وانتماء، وتتوشّى بنا حبًّا وعشقًا، وعطاءً وافتداءً، على هيئة كلمات. وطوبى لأبجدية سالت من عسل النخيل، واغتسلت برحيق الخزامى، وطارت على أجنحة الحبارى، وحطّت هوًى سعوديًّا خالصًا للعاشقين، ولبنًا أبجديًّا شهيًّا لذةً للكاتبين.
في يوم البيعة لسلمان المجد، يصفو الوصف، ويزهو الحرف، حين يناجي قيادة، تاج الحكمة فاصلة في تاجها، ونهج العزم فاصلةٌ في عزمها، وغدُ الشعب والأمة أمانةٌ في يدها.. تمضي يضيء لها الدين دروب الهدى، ويعلّق لها الإصرار لافتة الإنجاز، على سارية الكبرياء، في أفق الحياة الكريمة.
في البيعة.. نجدد العهد، نحن الشعب السعودي الوفي، في مسيرتنا الخضراء، مؤكدين ومُقسمين على استمرار العطاء، لبناء وطننا، وأعيننا على رؤية 2030، تراها مُترجمة بعون من الله، ثم بسداد خطى القيادة، وعزم الشعب على العبور إلى الضفة الأخرى من نهر الحياة، لنقرأ معًا، في حضور خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، صفحة التحوّل الوطني، وابتدار المملكة إلى ميدان الدول الأولى، باقتصادها، وسياستها، وقوتها، وحماية حياضها وثغورها.
اليوم.. في البيعة الخامسة، تتجدد ثقة الشعب السعودي بقيادته، ويفخر كل منا، ويفاخر بإنجازاتها، ويقرأ بأم عينه شهادة العالم بأسره لرشدها وحكمتها، ويرى بكل جوارحه مملكة قادرة مقتدرة، أصبحت شريكًا كاملًا في إدارة أزمات العالم، وحليفًا متقدّمًا لكل صاحب رؤية صائبة، وخصمًا جسورًا في الحق، بوجه كل باغٍ وطامع، ويدًا ضاربةً على يد كل من تسوّل له نفسه الغدر بالوطن وأهله.
في ذكرى البيعة الخامسة، لنا أن نُباهي الدنيا كلها بأننا أصبحنا في عهد سلمان، ومحمد بن سلمان، أسياد قضايانا الوطنية، وأشقاء قضايا أمتنا العربية والإسلامية، وأصدقاء قضايا العالم الإنسانية. نحن اليوم - برغم المعتدين والحاسدين - قبلة الإصلاح، ومحور الحوار، ونبع العطاء، وشعلة السلام، ومشعل الحوار، وعنوان الحضارة الإنسانية المشتركة.
نحن أبناءَ المملكة العربية السعودية ننحني لله شكرًا، أنْ هيّأ لنا هذه القيادة الحكيمة.. فلك يا مولاي بيعتنا، ولك ولاؤنا، وأمامك أرواحنا، وإلى السماء أكفنا مشرعة، تدعو لك بطول العمر، ولوطننا بدوام التقدم والازدهار، ونقول: دام عزّكم، وأدام الله وطننا، ورفع هاماتنا بالحق والهدى بين العباد، وحماكم، وحمانا، وحمى وطننا من كل شر ومكروه.
** **
د. علي عبد الخالق القرني - مدير عام مكتب التربية العربي لدول الخليج العربي