سمر المقرن
آنس الأشياء جسد به روح، وأوحش الأشياء جسد بلا روح.. وهكذا الحال بالنسبة لمنطقة بها أشجار، وأخرى بلا أشجار، فأي جريمة تلك التي تجعل شخص (ما) يُقدم على قطع الأشجار وهي التي ضُرب بها المثل من فوق سبع سماوات بالكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة؟ وبمنتهى الخبث قد يُراق دم الشجرة لنقضي على الأخضر ويحاصرنا اليابس من كل مكان. لذا حذَّرت وزارة البيئة والمياه والزراعة من الإقدام على قطع الأشجار وأنذرت بعقوبات مالية تصل إلى 50 ألف ريال للاحتطاب وتصل عقوبة قطع الشجرة الواحدة لمبلغ 5.000 ريال والنقل 1.0000 ريال بينما تتضاعف العقوبة في حالة تكرارها، ومن ثَمّ يختار -بعضهم- جهلاً من البحر شاطئه المجدب بقطع الأشجار! إلا أن نسمات الخير تهل عندما دشَّن مؤخراً سمو أمير المنطقة الشرقية مبادرة تستهدف زراعة نصف مليون شجرة من أشجار الظل والزينة خلال ثلاثة أشهر تحقيقاً لرؤية المملكة 2030 بهدف زيادة نسبة الفرد من الرقعة الخضراء ومكافحة التلوّث ونشر ثقافة الوعي بأهمية التشجير.
وكلنا يعلم ما للأشجار من فوائد عظيمة؛ فهي توفر الأكسجين وتُخفّض احتياجات المنزل من التكييف بنسبة كبيرة لخفضها الحرارة في محيطها بما يساوي 10 درجات تقريباً، وتقوم بامتصاص الروائح والغازات الملوّثة كالأمونيا وثاني أكسيد الكربون والأوزون مما يحد من خطر التلوّث. كما أثبت العلماء أهميتها في الإقلال من التعرّض للأشعة فوق البنفسجية التي تسبِّب الإصابة بسرطان الجلد، وتساهم الأشجار أيضاً في علاج أمراض عديدة، كما تقلِّل من الإجهاد النفسي. وهناك أشجار مثل الصنوبر والصفصاف والبلوط وغيرها تقضي على بعض الجراثيم والفيروسات، بالإضافة إلى دورها العظيم كمصدر للحصول على الغذاء والثمار ومساهمتها في صناعات عديدة.
وفي نفس الوارد فمن يطلع على الدراسات النفسية يجد الكثير حول تأثير الأشجار، وتبين أن سكان المناطق التي تكثر بها الأشجار أقل عدائية وخوفاً من سكان المناطق التي تقل فيها نسبتها. فيما حدَّد المجلس الدولي لحماية الحدائق النباتية في بريطانيا عدد الأشجار على سطح الأرض بـ60 ألف نوع تقريباً أكثرها في البرازيل بـ8715 نوعاً، وأقلها بأمريكا الشمالية، وبها أقل من 1400 نوع، فيما يوجد 300 نوع مهدَّدة بالانقراض حول العالم. وفي تنزانيا مثلاً يوجد نوع به 6 شجرات فقط حول العالم ويعكف العلماء على الاحتفاظ ببذورها لحمايتها من الانقراض لتبقى الأشجار على الأرض آنس الأشياء أجساداً بها أرواح.