على مدخل البلدة يقف عمود «مزركش» بعلمين. يرفرفان يمينًا وشمالًا على حد سواء، كل ما هبّت رياح موسمية أو خماسين، في الحقول الشاسعة التي يمتد إليها نور ذلك العمود، باعثًا ضوءه، يحمل صورة رئيس جمهورية - وعلى أكتافه تَشُع نُجوُم. من بعيد تبدو واحدة، وكلما اقترب منها ناظِر وجدها إما اثنتين وإما ثلاثة. مُحاطة بسيف نصْله إلى ياقة الرقبة. فيما «نياشين» وأوسمة تملأ صدره -حصل عليها كتقدير للدور الذي لعبه في نهضة البلاد- خلال مسيرته في خدمة شعبه.
وكان المُرَفرف شمالًا يحمل علم البلاد. منذ ثلاثة عقود والمارة يُفكرون بلون العلم الرمادي، ويُوشوشُون مَسرورين، وفي غرابة في بعض الأحايين، ليس لكون الرطوبة والقيض الحارق، ولا حتى مواسم الأمطار، والفيضانات، فشلت بتغيير لونه أو زحزحته من مكانه! لكن لأن شيئًا كان يشغلهم -رغم سُرورهم- كلما تجمعوا بمكان (طلاب الجامعات، الموظفين في الإدارات الحكومية، وخارج أوقات العمل، وعند خروجهم من المساجد، والملاهي، والملاعب الرياضية، ودور السينما..).
انتبه (كاهن المنطقة) المُجاور لشعب العمُود، فاكتشف أن وراء هذه الوجوه قنوطًا، تُخفيه بأقنعة لتبدو سريعة. ومدّ يده إلى جيبه وأخرج منها مفاتيح الجنة، وشَرعَ يُصَدّر شعب العمود الحائر إليها!
وفي هذه الأثناء، انتبه «خليفة المسلمين» المجاوره جمهوريته كاهن المنطقة وشعب العمود، ونادى: مُنهكين مُنهكين! وقرر (الخليفة) أن يُخرج شعب العمود من حيرته وقنوطه! فنظم لهم العروض السياحية، وقدم لهم البرامج المدبلجة من المسلسلات!
** **
- محمد هليل الرويلي