صدر حديثًا كتاب «المملكة العربية السعودية.. ريادة عالمية في التنمية المستدامة، رؤية 2030: بوابة التحول الاقتصادي الفعال»، لأستاذ العلوم الاقتصادية في جامعة محمد بوضياف المسيلة بالجزائر الدكتور قاسمي السعيد، وأستاذ الإعلام الجديد في جامعة أم القرى الدكتور أسامة بن غازي المدني، الذي يأتي متزامنًا مع رؤية المملكة 2030، التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد، التي أعلن عبرها سموه تحويل المملكة إلى قوة استثمارية عالمية لمرحلة ما بعد النفط، حيث تنهي اعتمادها على الموارد النفطية بوصفه محركًا رئيسًا للاقتصاد، وتنظر إلى طيف من البدائل الاقتصادية التي تضطلع بالاقتصاد، وتدفع عجلته إلى السير في طريق التنمية.
وقد تعرض المؤلفان في مقدمة الكتاب إلى إيمان المملكة العربية السعودية بجدوى التنمية المستدامة، وأثر التنمية في دعم رفاه للشعوب، وأمن الأوطان، وأثر الاستثمار الأمثل للموارد البيئية في دعم المنظمات والهيئات، بما يخدم الجيل الحالي والأجيال المقبلة.
وتطرق المؤلفان إلى سعي المملكة العربية السعودية الحثيث لمجانبة تأثيرات الأزمات المختلفة، لا سيما المالية منها، التي هددت (ولا تزال تهدد) عديدًا من الدول، في شتى الجوانب، خصوصًا تلك التي جعلت النفط مرتكزها الأساس، وداعمها الرئيس، حيث عززت من قدراتها على تجاوزها برسم إستراتيجيات مبنية على دعم النمو دعمًا يتأتى من رفع الكفاءة ودعم التنافسية بين منظمات الأعمال السعودية، وقد كان من لوازم خروج القيادة السعودية المأزق الراهن الذي وقعت فيه دول كبرى، تخفيض الاعتماد على النفط ومشتقاته كسلعة وحيدة للدخل، حيث تم إنشاء أكبر صندوق سيادي عرفه التاريخ لاستخدامه في توسيع القاعدة الاقتصادية، وتشجيع تدفق الاستثمارات المحلية والعالمية، ودعم المبادرات التنموية التي توفر الوظائف اللائقة، والسعي لتحويل شركة أرامكو السعودية إلى أكبر تكتل صناعي عملاق قادر على اجتراح الريادة في قطاعات جديدة إلى جانب النفط، مشيرين إلى مساعي المملكة العربية السعودية المذكورة آنفًا لموافقة مجلس الوزراء السعودي على رؤية المملكة 2030، التي جاءت بتكليف من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين -حفظهما الله-، وأقرها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الذي يترأسه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، هذه الرؤية التي ارتكزت على العمقين العربي والإسلامي، إضافة إلى ما تمتلكه المملكة من قدرة تنافسية، وموقع إستراتيجي ملائم، وقد سطرت لتنفيذها عديدًا من البرامج، كبرنامج إعادة هيكلة الحكومة، وبرنامج قياس الأداء، وبرنامج التحول الوطني.. وغيرها مما يعكس ما تمثله المملكة من ريادة عالمية في التنمية المستدامة، وبالإجمال، فإن رؤية 2030 ما هي إلا بوابة لتحول اقتصادي فعال.
وقد تناول الفصل الأول دور المملكة العربية السعودية من المسؤولية الاجتماعية إلى رؤية 2030، وعرض ريادة القيادة السعودية في الخروج من المأزق الراهن برؤية ثاقبة تطبق بنظام حوكمة متكامل، وفق برنامج تحول وطني ريادي، في حين تناول الكاتبان في الفصل الثاني تبني المملكة العربية السعودية للبرامج التراكمية للأمم المتحدة في ظل التنمية المستدامة، خصوصًا جدول أعمال القرن الحادي والعشرين، وتم الوقوف من خلال هذا الفصل على الدور الذي لعبته المملكة في تنفيذ ما جاءت به أجندة الأمم المتحدة في إطار التنمية المستدامة. أما الفصل الثالث فكان عن العملية الريادية السعودية في التنمية المستدامة، والعلاقة القائمة بين التنمية والأمن، وسرد التطور التاريخي إلى التنمية من المنظور التقليدي إلى التنمية المستدامة، وعرض الإطار القانوني وذكر الهيئات القائمة على الشأن البيئي والتنمية المستدامة، وتم قياس المؤشرات التي تغطي أبعاد التنمية المستدامة، التي تعد في معظمها فرصًا للمملكة للوصول إلى ما أسسته من إستراتيجيات وأهداف.
وتناول المؤلفان في معرض حديثها لمحة تاريخية للمسؤولية الاجتماعية للمملكة العربية السعودية حتى الوصول إلى رؤية 2030، معرجين على الأسس النظرية للمسؤولية الاجتماعية ونشأتها، والمسؤولية الاجتماعية من منظور التشريع الإسلامي، إضافة إلى المرونة الإستراتيجية لدى القيادة السعودية للخروج ببيئة الأعمال السعودية من المأزق العالمي الراهن، ودور الحكم الراشد السعودي في تجسيد مدونة الأخلاقيات البيئية، والالتزام بمعايير تطبيقها، والإطار القانوني للتنمية المستدامة في المملكة العربية السعودية، والهيئات القائمة على شؤون البيئة والتنمية المستدامة، مناقشين في سبيل ذلك تجارب القياس الدولية في التنمية المستدامة، والدور الريادي للمنظمات والهيئات السعودية في قضايا التنمية المستدامة، وغيرها من مرتكزات المسؤولية الاجتماعية للمملكة، مختتمين برؤية 2030 بوصفها بؤرة الاهتمام العالمي، والصفحة الأهم في كتاب التحول الاقتصادي للمملكة العربية. وقد خلص المؤلفان إلى أن الرؤية السعودية 2030 تمكنت من الإلمام بمختلف الجوانب، لا سيما الاجتماعية منها والاقتصادية، واستطاع متبنوها الوقوف على مرتكزات القوة ونقاط الضعف في منظمات الأعمال والهيئات السعودية المختلفة، إلى جانب تمكنهم من تحديد الفرص المتاحة، والتهديدات المحتملة التي قد تكتسح بيئة الأعمال السعودية بشكل دقيق، وكان من باكورة ثمارها برنامج التحول الوطني الريادي، مؤكدين أن المملكة العربية السعودية تمثل ريادة عالمية في التنمية المستدامة.