«الجزيرة» - عبدالله الرفيدي - واس:
بدأت في الرياض أمس أعمال جلسات ملتقى ميزانية 2020 الذي تنظمه وزارة المالية بمشاركة عدد من أصحاب المعالي الوزراء والمسؤولين، وذلك في مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات.
وفي الجلسة الأولى بعنوان «مؤشرات الميزانية العامة وأثرها على النمو الاقتصادي» شارك كل من معالي وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان، ومعالي وزير الاقتصاد والتخطيط الأستاذ محمد بن مزيد التويجري، ومعالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور أحمد بن عبدالكريم الخليفي.
وتحدَّث معالي وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان في بداية الجلسة عما تحقق من إنجازات في عام 2019، مؤكدًا أن برامج تحقيق رؤية المملكة 2030 تمضي قدمًا.. وقال: «إن المالية العامة حققت إنجازات فيما يتعلق بكفاءة الإنفاق؛ إذ يجري العمل بين الجهات الحكومية ومركز تحقيق كفاءة الإنفاق لتخفيض الإنفاق دون المساس بالجودة والخدمات المقدمة».
ولفت معاليه النظر إلى مشاركة القطاع الخاص خلال عام 2019 في تنفيذ العديد من المشاريع وتشغيلها؛ وهو ما وفّر على الميزانية العامة الإنفاق على هذه المشاريع، ووفَّر فرصًا كثيرة للقطاع الخاص، و نتج من ذلك انتهاء السنة المالية 2019 بحجم إنفاق 1048 مليار ريال، إلى جانب نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.
وحول كفاءة الإنفاق فقد أفاد الأستاذ الجدعان بأن العمل في هذا الجانب يسير بجهد كبير جدًّا؛ وذلك لتنفيذ المشاريع بما يحقق المستهدفات دون المبالغة في المواصفات والأسعار، ودون المساس بالحجم والجودة والنوعية والخدمات المقدمة للمواطنين. مؤكدًا أن الهدف الأساس لميزانية 2019 وميزانية 2020 هو رفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، والاستمرار في تنفيذ المشاريع، والبنية التحتية، وتقديم المزيد من الخدمات للمواطنين.
وحيال الخدمات المقدمة للمواطنين التي منها تطبيق موعد للخدمات الصحية أوضح الجدعان أن وزارة الصحة استطاعت من خلال التطبيق توفير 30 مليون مشوار، وخدمت أكثر من 11 مليون مواطن. وتحدّث في الوقت ذاته عما تقدمه وزارتا العدل والتعليم.
وأكد معالي وزير المالية أن وزارة المالية مستمرة في التزامها بصرف المستحقات خلال 60 يومًا، والتزمت خلال الفترة الماضية بمدة أقل بما يعادل 99 % من المستخلصات في القطاع الخاص في أقل من 30 يومًا، وليس 60 يومًا. مبينًا أن الوزارة تراجع باستمرار أسباب الإشكاليات التي قد تكون بين المقاول أو المورد والجهة الحكومية، وتسعى إلى حلها.
وتطرق معاليه إلى نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الجديد، وبيّن أنه أحدث قفزة نوعية في التعامل مع الإجراءات الحكومية في منافسات المشتريات، وأعطى أفضلية للمحتوى المحلي بشكل كبير جدًّا، كما يحافظ على حقوق القطاع الخاص.. وقال: «تم في اللائحة التنفيذية للنظام تحديد مدة زمنية واضحة لكل جهة حكومية من تاريخ الفاتورة من المورد أو المقاول إلى تاريخ رفعها لوزارة المالية من خلال منصة اعتماد؛ وذلك لتحقيق الشفافية في القطاع الخاص، وعدم التأخير في دفع المبالغ».
من جانبه، أوضح معالي وزير الاقتصاد والتخطيط الأستاذ محمد بن مزيد التويجري أن عام 2019 شهد نقلة نوعية لميزان المدفوعات، وهو إحدى الأدوات وأهمها؛ إذ إنه يُعنى بالتنويع الاقتصادي بجميع أفرع خدمات الاستيراد والتصدير والاستثمار وغيرها. لافتًا النظر إلى أن عام 2019 مهم جدًّا؛ إذ تم خلاله بناء قاعدة بيانات كبيرة، تدعم اتخاذ القرار، وتدعم السياسات التي هي محور تصميم ميزانية 2020. مبينًا أن ميزانية 2020 مبنيَّة على بيّنات وعوامل محددة، تُعنى بأحداث واضحة، مثل إيجاد وظائف للمواطنين والمواطنات، ودعم المحتوى المحلي، ورفع كفاءة الإنفاق.. وغيرها.
وأبرز معاليه أهمية وجود السياسات للهدف بعيد المدى. مبينًا أن قاعدة التنويع الاقتصادي بدأت في إنتاج ثمارها، منوهًا بدور المملكة الإقليمي والعالمي.
ولفت معاليه النظر إلى دور المملكة السيادي في استقرار أسعار النفط، وأن الناتج المحلي هو المقياس الحقيقي لصحة القطاع الخاص ولصحة النمو المستدام. متطرقًا إلى دور القطاع الخاص الذي بدأ بأخذ المبادرات، ومبرزًا دور الحكومة في تعزيز واستحداث القطاعات، إلى جانب أهمية دور صندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني بوصفها أدوات تدعم خزانة الدولة، وتدعم الاستثمار المحلي. مفيدًا بأن برامج الرؤية بُنيت على معايير التنويع الاقتصادي والنمو.
وأكد معالي وزير الاقتصاد والتخطيط أن القيادة الرشيدة تولي موضوع البطالة اهتمامًا كبيرًا.. مبرزًا التعاون القائم حاليًا بين وزارتَي الاقتصاد والعمل.
وأفاد معاليه بأن البطالة تحسنت خلال السنوات الماضية، وأن العام الماضي كانت نسبة البطالة فيه 12.9، ووصلت حاليًا إلى 12.3. وقال: يوم الأحد القادم ستعلَن أرقام البطالة للربع الثالث لعام 2019، وستكون البطالة بانخفاض إن شاء الله. وفي نهاية عام 2019 سنرى أرقامًا أفضل. ونسبة المشاركة للنساء بازدياد. وإن الاقتصاد يستوعب هذا العدد الكبير، ونستهدف في عام 2030 إنشاء قطاعات جديدة كالسياحة، والثقافة، والترفيه، والضيافة.
وبيّن معاليه أن كل مبادرة أو برنامج دون استثناء له دور كبير في التوظيف، وعندما تتم دراسة أي مشروع، سواء في قطاعات النقل أو الصحة أو التعدين، يجب أن تكون هناك دراسة مرتبطة بإيجاد الوظائف. مشيرًا إلى أن الجزء المهم بالاقتصاد ليس فقط أن الأرقام تكون صحية، ولكن يجب أن تكون مستدامة، بمعنى أن الاقتصاد يكون بشكل دائم مستدام، ولديه القدرة على استيعاب عدد أكبر في المستقبل.
وأبان الأستاذ التويجري أن القطاعات المستهدفة في عام 2020 هي القطاعات التي تحقق أهداف الإنفاق وأهداف رؤية 2030، وفيها ميزة تنافسية للمملكة. موضحًا أن وزارة الصناعة والثروة المعدنية مهتمة جدًّا بدعم القطاع الصناعي وقطاع التعدين نظرًا إلى كون المملكة العربية السعودية غنية جدًّا بالمعادن، كما أن القطاعات التي استحدثت مؤخرًا لها علاقة بالخدمات والسياحة، إلى جانب الاستمرارية في البنية التحتية.
وبشأن النقل والمطارات والموانئ فقد أكد معاليه أنها في غاية الأهمية، وفي تحسُّن كبير.
من جهته، أوضح معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور أحمد بن عبدالكريم الخليفي أن هناك أربعة نشاطات في القطاع الخاص، نمت بمعدلات تتجاوز 4 إلى 6 %، وأن أحد محركات النمو هو وجود السيولة النقدية من القطاع المصرفي، وأحدها هو الإقراض العقاري الذي حقق نموًّا كبيرًا. مبينًا أن قروض المنشآت الصغيرة والمتوسطة نمت بنسبة تجاوزت 8 %، وأصبحت قروض المنشآت الصغيرة والمتوسطة تشكل 6.2 %، بينما كانت 2 %.
وتناول الدكتور الخليفي تأسيس البيئة التشريعية التجريبية (SandBox) التي أتاحت الفرصة لعدد من شركات التقنية المالية لتقديم خدماتها ضمن إطار تشريعي مخفف، يمكِّن مقدمي الخدمات وكذلك المؤسسة من تجربة خدمات مبتكرة بضوابط محددة، تراعي جانب دفع عجلة الابتكار، مع تقليل المخاطر على العملاء. مبينًا أن مؤسسة النقد تعمل حاليًا على تحديث السياسات والتراخيص اللازمة لتلك الشركات لتقديم خدماتها بشكل دائم بعد الانتهاء من فترة التجربة. مفيدًا بأن هذه الخطوة تأتي لتحقيق عدد من الأهداف الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030 من خلال تعزيز النمو الاقتصادي، والنهوض بأنشطة الاستثمار، والتحول نحو مجتمع غير نقدي، وتعزيز مبدأ الشمول المالي؛ وذلك بهدف استقطاب المؤسسات المالية والشركات (المحلية والعالمية) المتخصصة في مجال التقنية المالية لتقديم منتجات وخدمات مالية مبتكرة في السوق المحلية؛ إذ تم السماح لـ 24 شركة تقنية مالية (FinTech) باختبار خدماتها في المملكة.
وبيّن معاليه أن المؤسسة عملت على إنجازات مبادرة التوجُّه نحو مجتمع غير نقدي (أحد مستهدفات برنامج تطوير القطاع المالي)، من خلال التطوير المستمر للبنية التحتية الخاصة بأنظمة الدفع الوطنية بهدف دعم وتسهيل التحوُّل إلى بيئة المدفوعات الإلكترونية. كما تم إطلاق محافظ عدة، تعمل عبر الهواتف الذكية، لتوفير المزيد من الحلول الرقمية التي تتيح للمستخدمين إتمام عمليات الدفع والشراء بكل سهولة عبر الأجهزة الذكية التي تعمل بنظام أندرويد أو IOS لزيادة خيارات الدفع أمام المستخدمين في السعودية. كذلك تخدم عملية التحول الرقمي.
وقال معاليه: إن إطلاق شبكة المدفوعات السعودية «مدى» لخدمة الدفع الرقمي عبر أجهزة الجوالات الذكية «مدى Pay» يهدف إلى تحسين تجربة العملاء، ودعم مبادرة التحول الرقمي في المملكة بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030 ومسارات تطوير القطاع المالي. وإضافة إلى ذلك فإن المبادرة ستسهم في الحد من استخدام النقد من خلال تطبيق استراتيجية المدفوعات الرقمية الموحدة؛ الأمر الذي يساعد في خفض التكاليف على المستخدمين. مفيدًا بأن شبكة المدفوعات السعودية حققت ارتفاعًا كبيرًا في عدد العمليات والمستخدمين؛ إذ ارتفع مؤشر التوجه نحو مجتمع أقل اعتمادًا على النقد إلى 36 % في 2019م متجاوزة مستهدفات برنامج تطوير القطاع المالي.
وحول تطوير قطاع التأمين قال معاليه: تم إطلاق مركز الصلح بالأمانة العامة للجان الفصل في المنازعات والمخالفات التأمينية الذي يختص بالتسوية صلحًا في الدعاوى المقامة من الأفراد ضد شركات التأمين في المنازعات الناشئة عن عقود تأمين المركبات للأفراد، التي لا تتجاوز قيمة المطالبة بالتعويض فيها 50 ألف ريال وفقًا للضوابط المحددة في الإجراءات المنظمة للصلح.
وبيَّن أن مؤسسة النقد العربي السعودي أعدت استراتيجية، تهدف إلى تعزيز الشمول المالي في المملكة من خلال حشد الجهود اللازمة، ووضع مستهدفات طموحة، وخطط عمل فاعلة.